طوال الأسبوع الماضى انشغلت بسؤال أصدقاء وزملاء كثيرين سؤالا محددا: ما هى أشهر العائلات اليهودية التى عاشت فى مصر وكان لها نشاط اقتصادى فى القرن الماضى؟
غالبية إجابات الزملاء ومعظمهم صحفيون كبار ومدراء ورؤساء تحرير تضمنت اسم صيدناوى باعتباره عائلة يهودية تعرضت للتأميم فى الستينيات.
الإجابة خاطئة تماما، لأن صيدناوى لم يكن يهوديا، لكن الغريب أن كثيرين كانوا يعتقدون ذلك.
من بين هؤلاء الكثيرين كنت أنا أحدهم وكتبت هنا فى هذا المكان قبل أسبوع ذلك فى معرض انتقاد ما تفوه به الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء خلال لقائه بطلاب الجامعات قبل حوالى عشرة أيام، حينما تحدث عن الشركات التى تم تأميمها فى الستينيات، قائلا: كلنا يعرف أنها كانت مملوكة لآخرين وأن الدولة أخذتها منهم.
فى اليوم التالى للنشر فوجئت برسالة غاضبة من عائلة صيدناوى جاءت عبر الكاتب والأديب الكبير محمد سلماوى تطالبنى بتصحيح الخطأ فى حقهم، وأنهم ليسوا يهودا بل عائلة مسيحية تنتمى لطائفة الروم الكاثوليك، وأن أصول عائلتهم تعود إلى مدينة صيدنايا قرب دمشق وأن هذا الاتهام يسئ لسمعتهم كعائلة خدمت مصر كثيرا».
من حق عائلة صيدناوى الغضب وواجبى أن أقدم لهم شديد اعتذارى. لكن المسألة التى ألحت علىّ وما تزال هى: لماذا يعتقد غالبية المصريين أن العائلة يهودية؟
لسنوات طويلة ظلت وسائل إعلام كثيرة عندما تتناول العائلات اليهودية، التى اشتهرت اقتصاديا فى مصر خصوصا خلال النصف الأول من القرن الماضى تتحدث عن بنزايون وعدس وريفولى وصيدناوى وشملا وشيكوريل ويعقوبيان.
لست ضد اليهود وأجاهد نفسى لكى أكون موضوعيا وإنسانيا، وصرت أعتقد أن مواقف بعض اليهود أمثال نعوم تشومسكى وإسرائيل شاحاك وعميرة هاس ودانيال بارنبويم بشأن القضية الفلسطينية أكثر احتراما من مواقف بعض حكامنا العرب.
وإذا كان هذا موقفى من اليهود أو بالأحرى من الإسرائيليين الذين سرقوا أراضينا ولا يزالون، فكيف يكون موقفى من الأخوة المسيحيين خصوصا الشوام الذين قدموا للعروبة الكثير والكثير، وكان لهم دور بارز فى نهضة مصر خلال فترات طويلة.
رغم ذلك فإن قرار جمال عبدالناصر للتأميم، كان موجها ضد الجميع، لم يفرق فيه بين صاحب شركة مسلم أو مسيحى أو يهودى، مصرى أو أجنبى، الرجل فعل ما فعله كى تستفيد الغالبية العظمى من الشعب، مثلما حدث فى الإصلاح الزراعى.
مرة أخرى كل الاعتذار لعائلة صيدناوى وسامح الله هفوات وزلات لسان د.أحمد نظيف فلولاها ما حدث كل ذلك!