من يصنع الاحتقان - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 12:13 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

من يصنع الاحتقان

نشر فى : الخميس 15 سبتمبر 2011 - 9:00 ص | آخر تحديث : الخميس 15 سبتمبر 2011 - 9:00 ص

سأفترض معك الآن أن الوضع فى البلد يحتاج بالفعل قانون الطوارئ، ولا يحتاجه كنصوص فقط بقدر ما يحتاج إلى تطبيق حاسم وفورى، فالشارع ملتهب ومحتقن، والانفلات الأمنى سيد الموقف كما تدرى، ناهيك عن الفوران السياسى والفئوى الذى يستبد بالمجتمع ويغرقه فى دوامة من الفوضى.

لكنى أسألك.. من الذى يصنع الاحتقان ويغذيه فى الشارع، هل هى قوى أجنبية لديها أجندات ومصالح ولديها «عملاء» ينفذون هذه الأجندات، كما يذهب البعض داخل مؤسسة الحكم الانتقالى «حكومة ومجلس عسكرى»، أم فلول الحزب الوطنى وأمن الدولة وبقايا النظام السابق الذين يقودون ثورة مضادة لإجهاض الثورة وتقزيم مكتسباتها؟

 

أين الأزمة بالتحديد؟ هل فى القوى السياسية التى تفرقت شيعا وقبائل عقب التنحى ونظرت إلى مقاعد فى برلمان لم يبن بعد، وتعاركت عليها، وأهدرت لحظة التوافق العظيمة التى كانت فى ميدان التحرير، بحثا عن مغانم صغيرة وسريعة تكاد تهدر المغنم الأكبر المتمثل فى الثورة؟

 

ربما لكل ذلك نصيب فيما نعيشه الآن، لكنك بوضوح ودون مواربة، لا يجب أن تستثنى مؤسسة الحكم «المجلس العسكرى والحكومة» من المسئولية عن ترك الاحتقان دون جهد لاحتوائه، وربما تغذيته وخلقه وصناعته من الأساس.

هذه سلطة فى يدها مفاتيح كثيرة لتجفيف الاحتقان وجلب الاستقرار ولا تستخدمها، وأحيانا تشعر أنها تتعمد أن تلقى الناس فى دوامة من الحيرة المفرطة، وتنهك قواها فى الجدل والجهد فيما حلول كثير من الأزمات فى غاية السهولة والبساطة.

 

خذ عندك أزمة الجامعات، والاحتقانات الطويلة التى استمرت لأشهر لإقالة القيادات وتعديل نظام اختيارهم، والسلطة تشاهد عن بعد وتتفرج، مرة تقبل بالإقالة وترهن الأمر لنهاية العام الدراسى، ومرة ترفض وتسوف حتى بعد نهاية الدراسة وإقبال العام الجديد، والمسألة برمتها كان يمكن حسمها من اليوم الأول بتعديل بسيط فى قانون بإضافة جملة واحدة تنص على انتخاب القيادات، وأن توفر على هذا الوطن كل هذا الجدل والجهد والاحتقان إذا كنت ترغب فعلا فى ذلك.

 

الأمثلة من ذلك كثيرة وجميعها مرتبط بتوافر الإرادة الحقيقية لدى السلطة لحل الأزمات التى تواجه البلاد، لكنك تستشعر أن هناك من يحاول قصر الجهد الرسمى على سياسات احتواء تقتصر على تسكين الأوضاع دون حلها جذريا لتبقى قنابل جاهزة للانفجار فى أى بلحظة سواء عفويا أو بترتيب.

 

يدخل فى ذلك الانفلات الأمنى، الذى أثبتت الأحداث أن الشرطة قادرة على علاجه والتصدى له فى مناطق بعينها، وتركه يعيث فسادا فى مناطق أخرى، من ذلك المقارنة البسيطة بين الأداء الأمنى فى مواجهة «الألتراس» فى موقعة الاستاد، ردا على استفزاز لفظى، وذات الأداء أمام السفارة فى مواجهة خرق بين للقانون واقتحام خطير لسفارة دولة على أراضينا.

 

لا تحتاج السلطة إذن إلى قانون طوارئ، لكنها تحتاج إلى أمانة فى الإدارة، تدفعها لتؤدى دورها بكفاءة وإخلاص، وأن تمتلك إرادة الحل وتحولها لواقع، فتطبيقها الصارم لقانون العقوبات عبر المحاكم المدنية يكفى لو جرى بإرادة وعدم تمييز، تحتاج إلى حلول سياسية وليس تدابير أمنية، إلى إجراءات فى يدها وتتكاسل «بقصد وبدون» عن اتخاذها أو ستبقى جزءا من منظومة صنع الاحتقان والتوتر فى هذا البلد وهذا هو الأخطر من الانقسام والأجندات والفلول والثورة المضادة..!

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات