خسرنا المعركة - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 12:07 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

خسرنا المعركة

نشر فى : الجمعة 14 سبتمبر 2012 - 7:50 ص | آخر تحديث : الجمعة 14 سبتمبر 2012 - 7:50 ص

إذا كنت لم تدرك أنه فى اللحظة التى أعلن فيه مقتل السفير الأمريكى فى ليبيا، أننا خسرنا معركة الفيلم المسىء، فأنت مازلت تدفع بالأمور إلى مزيد من الخسائر الفادحة التى لن تتوقف عند إساءة مجموعة محدودة جدا، لكنها ستمتد إلى النيل من الإسلام كدين، وربما ترسيخ صورة ذهنية عنه للأسف الشديد قد تتوافق مع بعض ما جاء فى الفيلم.

 

عندما يعرف مواطن أمريكى أن هناك فيلما يثير الجدل بسبب صرخات غضبك وليس دعاية المنتجين، فسيكفيه دافع الفضول ليشاهد الفيلم.

 

تخيل الآن أن مواطنا أمريكيا محايدا، لا يملك معلومات كافية عن الإسلام شاهد الفيلم تحت تأثير الضجة التى كنت بطلها ومروجها، وعلى الشاشة التى أمامه شاهد من يزعم أن هذا الدين يحرض على العنف ويستهين بأرواح الأبرياء، ثم طالع محطة إخبارية وشاهد مشهدا مأساويا لعملية مقتل السفير الأمريكى، أى ربط يمكن أن يصل لعقله؟

 

الآن انتهت المسألة تماما، تحولت من فيلم هابط ومسف وفاشل حتى على المستوى التقنى والإنتاجى، وساذج فى حواره وفى أداء ممثليه، إلى العنف الذى انتجته والقتل الذى تورطت فيه، وكما حملت كل المسيحيين فى العالم مسئولية الفيلم، لم يعد ما يقال عن مقتل السفير الأمريكى إن مجموعة محدودة ومتطرفة قتلته، بل قتله المسلمون.

 

أنت تعرف أن السفير الأمريكى فى ليبيا ليس مسئولا عن الفيلم، لم يموله أو يشارك فى التمثيل فيه، أو يقدم له أى شكل من أشكال الدعم، وربما كنت تدين عملية قتله وتراه بالفعل ضحية لا ذنب لها إطلاقا، لكن سبق السيف العذل، أنت ومن قتل السفير سواء الآن أمام الرأى العام الغربى، مثلما جعلت أنت من قبل كل المسيحيين موريس صادق، وكل الأمريكان تيرى جونز.

 

كان لابد أن تغضب لا أجادلك فى ذلك.. لكن كيف تغضب وكيف تستثمر غضبك لتنتصر لقضيتك، غضبك دفع بك للاحتجاج أمام السفارات، للتورط فى قتل وإيذاء الأبرياء، للهجوم والتحرش على المسيحيين لمجرد أنهم مسيحيين، لكن غضب المسلمين فى بريطانيا دفعهم للتكاتف لإنتاج وتوزيع نسخ مترجمة من القرآن الكريم، هؤلاء يستغلون ما يثيره الفيلم من جدل ومن رغبة فى المعرفة ليقولوا للناس، إذا كنت شاهدت او سمعت ما يقال عن نبى الإسلام فلماذا لا تجرب أن تقرأ ما جاء به هذا النبى، وهم هناك لا يخشون من القراءة، ولا يعتبرون أن فتح كتب الآخرين المقدسة إثم ومعصية.

 

مازلت مقتنعا أن الفرصة مواتية لتحفيز العقول واستثمار الغضب، فى أزمة حرق المصحف قبل عامين قلت لصديق أمريكى مسلم كان جاره يستعد للمشاركة فى هذه الفعالية الشاذة: فقط قل له أنك وأنت تحرق المصحف تحرق عشرات الآيات التى تقول: «وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدى وَنُورٌ وَمُصَدِّقا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدى وَمَوْعِظَة لِّلْمُتَّقِينَ»، وعشرات الآيات الأخرى التى تمجد المسيح والعذراء مريم عليهما السلام، وهذا الحديث حرم دعاة حرق المصحف من أحد أنصارهم.

 

نحتاج للغضب دون حماقة لنربح المعركة لا أن نخسرها ومن الجولة الأولى، وكما قلت بالأمس: الفارق كبير بين الغضب والحماقة.  

 

 

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات