خلال أسبوعين أقرت وكالة الغذاء والدواء (FDA) الأمريكية صلاحية عقار جديد (Simeprevir) فى صورتين متقاربتين للتداول أولهما (olysio) والثانى (Salvadi) فى أسماء تجارية تنتجها شركتان مختلفتان. الدواء الجديد المعروف باسم (Simeprewir) علميا بلا شك يعد علامة فارقة فى تاريخ أحد الأمراض المزمنة الخطيرة التى يعانى منها الإنسان خاصة فى بلادنا الالتهاب الكبدى الوبائى الذى تسببه العدوى بفيروس (سى).
من لم يصبه المرض منا يعرف انه فى مرمى نيرانه ومن تأكدت إصابته يعانى من حقن الانترفيرون وأعراضها الجانبية إذا حالفه الحظ واستجاب كبده لها بعد معاناة محاولة الحصول عليها.
يعد الدواء الجديد بالفعل حلما يتحقق يضمن شفاء المريض بنسبة لا تقل عن تسعين بالمائة: قرص واحد يوميا على مدى اثنى عشر أسبوعا بلا مضاعفات تذكر يمكنه ان يعفى المريض من الحقن أسبوعيا يخلد بعدها للراحة يوما يعانى جراء تأثيراتها الجانبية متمنيا أن يكون بين الستين بالمائة الفائزون بالشفاء.
خبر بلا شك مثير ينتشر كالنار فى الهشيم نشرته كل صحف العالم ولم تخل منه صحيفة مصرية وإن نشرته بالطبع على الطريقة المصرية.
اهتم الإعلام العالمى بالخبر فنشره على قائمة أخباره مرحبا لكنه بالطبع نشر كل الحقائق المتعلقة به فى صورة تلقى احترام القارئ: أول تلك الحقائق أن العلاج لمدة ستة أسابيع يتكلف 84 ألف دولار أمريكى ويحتاج المريض إلى اثنى عشر اسبوعا للعلاج. نشر أيضا الحقائق العلمية المتعلقة بكيفية عمل الدواء ونسبة الشفاء وانه يمكن استخدامه دون الانترفيرون فكيف استقبل الإعلام المصرى الخبر وكيف تناوله ولون رسالته للإنسان المصرى فبدأ زحف جموع المرضى على مراكز العلاج وأطباء أمراض الكبد أملا فى العثور على الدواء المعجزة؟ هناك حقائق كان يجب أن يدركها الإعلام المصرى قبل أن تصدر كل تلك الصفحات والعناوين الرئيسية والأحاديث لأصحاب الرأى وأصحاب المصلحة.
• تم التصريح بالفعل لإنتاج الدواء لكن تسجيله سوف يستغرق ما لا يقل عن عام كامل قبل أن يصبح فى متناول المرضى فى كل العالم.
• ارتفاع ثمن الدواء مدعاة للتفكير فى تلك التكلفة الخرافية فى الولايات المتحدة ذاتها فما بالك بنا. من الأدعى أن ندعم صناعة الدواء والبحث العلمى فى بلادنا ومن الأجدى أن ندعو للتعريف بالمرض ووسائل العدوى رغبة فى الوقاية قبل العلاج.
• مرضى التهاب الكبدى الوبائى لفيروس (سى) فى الولايات المتحدة يتعدون 3.2 مليون مريض. فيروس (سى) فى الولايات المتحدة فصيلة الجينى تحمل رقم (1) من سبع فصائل جينية مختلفة رئيسية تنقسم إلى فروع. الفصيل الجينى لفيروس سى فى بلادنا يحمل رقم (4) فهل لهذا الدواء أثر فعال عليه؟ وإذا كان هل نسبة الشفاء تصل إلى 90 بالمائة أيضا؟.
تمنيت لو تنبه الإعلام المصرى (الذى يحتاج فى رأى العديد من رجالاته) إلى برنامج لإعادة التأهيل يرده إلى صوابه ويرشده إلى الدور الخلاق الذى يمكن أن يلعبه فى حياة هذه الأمة.
أن يلهث المريض وراء أمل سرابى يقوده إلى الاحباط لهو أنكى عليه من خطر الفيروس ذاته. أفلا تعقلون؟