فرصة جديدة لإضاعة الوقت حصلت عليها إثيوبيا عقب الاجتماع السداسى الذى شهدته الخرطوم، بمشاركة وزراء الخارجية والرى فى مصر والسودان وإثيوبيا، لبحث الخلافات والمسائل العالقة بشأن سد النهضة، فى ملف يحمل «الحياة أو الموت» بالنسبة للمصريين، والتعبير لوزير الخارجية سامح شكرى قبيل بدء اللقاء الأخير الذى انتهى بـ«الفشل»، كما عنونت «الشروق» و«الأخبار» صباح الأحد الماضى.
ذهب وزيرا الخارجية والرى إلى طاولة التفاوض فى الخرطوم إثر فشل اجتماعات اللجان الفنية فى التوصل إلى أى اتفاق بشأن الدراسات المطلوبة لمعرفة تأثيرات السد الاثيوبى على مصر، وها هم الإثيوبيون يحصلون على فسحة جديدة قبل العودة نهاية الشهر الحالى، لمفاوضات لا يتوقع الخبراء أن تسفر عن شىء يكسر الحلقة المفرغة.
الحكومة تتحدث عن «صعوبات» لكنها لا تزال تراهن على التفاوض، رغم الأصوات التى تحدثت أكثر من مرة عن ضرورة طرح سيناريوهات بديلة للتعامل مع ملف المياه، وعدم ترك الإثيوبيين يواصلون لعبة التهام الوقت، استغلالا لظروفنا الداخلية أحيانا أو انشغال مصر بالتوترات فى الإقليم أحيانا أخرى، فيما عمليات بناء السد تمضى على قدم وساق حتى تجاوزت نسبة 47%.
فى منتصف سبتمبر الماضى عقدت مجموعة حوض النيل بجامعة القاهرة، اجتماعا لبحث أزمة سد النهضة، عقب انسحاب المكتب الهولندى من تنفيذ الدراسات الفنية التى تبحث الآثار الجانبية للسد على مصر والسودان، ويومها أصدرت المجموعة بيانا أكدت فيه أن مسار المفاوضات الفنية لن ينتهى بأى حلول مرضية لمصر، وأن إثيوبيا مع مرور الوقت سوف تفعل ما تريد من تنفيذ وتخزين وتشغيل، محذرة من أن التبعات ستكون «كارثية» مائيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وسياسيا على مصر.
المجموعة التى تضم 15 استاذا وخبيرا فى مياه النيل، بينهم الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الرى الأسبق، والدكتور السيد فليفل، أستاذ التاريخ بمعهد الدراسات الأفريقية والدكتور محمد شوقى، أستاذ القانون الدولى بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، لم تكتف بهذا الكلام، بل قالت إن مسار المفاوضات الحالى لاستكمال دراسات سد النهضة «وصل إلى نهايته واستنفد كل أغراضه، ومن ثم فإنه يجب التحول إلى مبادرة سياسية جديدة يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسى بطلب عقد قمة ثلاثية لتصويب المسار والتفاوض السياسى حول تجنب أضرار السد على مصر».
واقترحت المجموعة أن تتضمن المبادرة «مطالبة إثيوبيا بوقف إنشاءات السد بعد الانتهاء من مرحلته الأولى، وتكليف الخبراء الدوليين أعضاء اللجنة الثلاثية الدولية الذين وافقت عليهم الدول الثلاثة من قبل عام 2012 لاستكمال الدراسات الهيدرولوجية والبيئية والإنشائية للسد، على أن يتم عرض نتائج الدراسات على وزراء الخارجية والرى فى الدول الثلاث، للتوافق، والتوصل إلى اتفاق نهائى لحل الأزمة.
وقالت المجموعة إنه إذا لم تجد هذه المبادرة القبول لدى أثيوبيا فعلى مصر «المطالبة بوساطة دولية أو إقليمية للتوصل إلى حل»، فإن فشلت جهود الوساطة نطالب «بالتحكيم الدولى»، فان أصرت إثيوبيا على الرفض، نعلن حينها أن كل جهودنا للوصول إلى تفاهمات مع إثيوبيا «قد فشلت»، ونتوقف عن المشاركة فى المفاوضات الثلاثية، والذهاب إلى «مجلس الأمن» إذا تطلب الأمر.
اليوم وبعد مرور ثلاثة أشهر على هذا البيان، ليس ثمة جديد فى الملف غير المراوغة الإثيوبية، فهل نتحرك صوب البدائل، أم نظل نراوح مكاننا فى مفاوضات عبثية تعطى الجانب الآخر فرصة التلاعب والخداع؟! الوقت ليس فى صالحنا وهذا ما تدركه إثيوبيا.