استوقفنى خبر أتى من العاصمة البريطانية يعلن عن إقامة أول ملعب للرياضة البدنية يخصص للمسنين. الملعب سيقام على مساحة 125 مترا مربعا فى قلب الحديقة الأشهر فى لندن والعالم هايدبارك التى عرفت دائما بأنها المنتدى المفتوح للرأى. يقصدها كل صاحب قضية للتعبير بحرية عن رأيه فى الهواء الطلق.
صرحت السيدة مالدين السدون المتحدثة باسم الجماعة المهتمة بالشأن والتى سعت للحصول على التصريح والدعم «رابطة نايتس بردج» أن المسنين فى لندن يتجاوز عددهم عدد الأطفال، وأنهم غير قادرين على الانضمام للنوادى الرياضية والاجتماعية مرتفعة الرسوم والتكلفة، فى الوقت الذى يحتاجون فيه للرياضة لدعم صحتهم الذهنية والجسدية. تمنيت أن ينجح المشروع فى توفير جو من الألفة والتواصل بين المسنين يحتاجونه.
لا أعتقد أننى بحاجة للإشارة إلى الفارق بين الثقافتين لطالما اتهمنا ثقافة الغرب بأنها ثقافة مادية تدفن مشاعر البشر فى جليدها، ونتيه نحن فخرا بثقافتنا الحارة التى تختلف بدفء العلاقات الأسرية وحقوق الجار وإجلال الكبير.
الواقع أننى لا أنكر على وجه الإطلاق التمايز بين الحضارتين، ولكننى أتساءل فى أسى: أيهما أجدى للإنسان فى هذا الزمان؟
تحضرنى صورة داكنة لأحد أساتذتى حينما دفعتنى ذكريات بديعة احتفظ بها له فى وجدانى إلى البحث عنه وزيارته، كانت زيارتى فيما يبدو متأخرة رغم أنه تقاعد منذ سنوات قليلة حينما سألته لماذا؟ أجاب لقد انقطعت صلتى بالحياة، حينما انتهيت إلى المعاش الذى أنهى رسالتى قبل أن تنتهى أيامى!
عبارة بليغة إن وعينا الدرس.
قطاع عريض من المسنين فى مصر، هل يمكن أن يجدو مكانا على خريطة اهتمام الدولة برعاياها أو حتى أصحاب الرسالة من الجمعيات الأهلية؟ إننا لا نتحدث عن بنك الطعام ولا معاش السادات ولا حتى بنك ناصر. لكننا نتحدث عن مشروع قومى لإعادة النظر فى قدرات من أقصاهم المعاش بعيدا عن عجلة الحياة الدائرة. عن برنامج يعيد أصحاب التجربة والرأى منهم إلى أماكن تنتظرهم ليس من الضرورى أن تكون فى مواقع متقدمة إنما فى مواقع تحتاجهم.
بقية الخبر القادم من لندن أن ملعب المسنين لن يقتصر عليهم، وإن كانت هناك لوحة تشير إلى ذلك. الملعب مفتوح لجميع الأعمار، فالحضارة المادية فى عاصمة الضباب تدعو لتواصل البشر على اختلاف أعمارهم.