تخبط أوباما بشأن إيران وسوريا - جاكسون ديل - بوابة الشروق
الإثنين 10 مارس 2025 8:08 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

تخبط أوباما بشأن إيران وسوريا

نشر فى : السبت 16 يونيو 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 16 يونيو 2012 - 8:00 ص

يبين النظر من زاوية واحدة أن هناك ارتباطا واضحا تماما بين مشكلاتنا مع كل من سوريا وإيران. إذ يعد نظام بشار الأسد فى سوريا من أقرب حلفاء إيران، وهمزة الوصل بينها وبين الشرق الأوسط العربى. كما تمثل سوريا جسرا بريا لانتقال الأسلحة والجنود الإيرانيين إلى لبنان وقطاع غزة. وبدون سوريا، سوف تنهار طموحات إيران فى الهيمنة الإقليمية، وقدرتها على تحدى إسرائيل.

 

يترتب على هذا، كما صرح رئيس القيادة المركزية الأمريكية الجنرال جيمس ماتيس أمام الكونجرس فى شهر مارس، أن يمثل سقوط الأسد «أكبر نكسة استراتيجية لإيران منذ 25 عاما». وتحقيق ذلك ليس مجرد ضرورة إنسانية بعد المذابح التى راح ضحيتها 10 آلاف مدنى، بل كذلك مصلحة استراتيجية قصوى لإسرائيل والولايات المتحدة.

 

أقل ما يمكن قوله هو لماذا إذن لا تتحمس إدارة أوباما وحكومة بنيامين نتانياهو للتدخل العسكرى غير المباشر للإطاحة بالأسد؟

 

ربما يرجع ذلك جزئيا إلى التخوف ممن سيعقب الديكتاتور. وفى حالة أوباما، هناك عامل مهم متمثل فى الحملة الرئاسية الأمريكية، التى تتطلب «تهدئة اندفاع تيار الحرب» فى الشرق الأوسط.

 

لكن الحسابات بشأن سوريا وإيران أكثر تعقيدا مما تبدو عليه لأول وهلة. إذ لا يقتصر الأمر على التحالف القائم بينهما فحسب، بل هو نتيجة لواقع كون أمريكا وحلفاؤها لديهم أهداف مستقلة وملحة. فهم فى سوريا يهدفون إلى الإطاحة بالأسد وإحلال ديمقراطية بدلا منه؛ وفى إيران، يهدفون إلى منع الأسلحة النووية.

 

وقد أصبح واضحا أن الخطوات التى قد تنجح فى أحد الموقعين ستؤدى قطعا إلى تعقيد الأمور بخصوص الاستراتيجية الغربية فى الموقع الآخر.

 

●●●

 

يمثل التحرك العسكرى الشغل الشاغل لإسرائيل. كما يقول أنصار التدخل فى سوريا (وأنا منهم)، إن أمريكا وحلفاءها، مثل تركيا، تنبغى مشاركتهم فى تهيئة مناطق آمنة للمدنيين والقوات المناهضة للأسد على طول الحدود السورية. ويتطلب هذا تغطية جوية، وربما بعض القوات البرية (التركية). لكن إذا تورطت أمريكا فى عملية عسكرية فى سوريا، هل سيمكنها بعد ذلك شن هجوم جوى على المرافق النووية الإيرانية؟ وماذا لو أقدمت إسرائيل على هجوم، بينما العملية السورية لم تزل مستمرة؟

 

تتمثل الإجابة بوضوح فى أن ذلك قد يسفر عن فوضى تخرج عن السيطرة، ولهذا السبب سألت مؤخرا أحد كبار المسئولين الإسرائيليين عن رأيه بشأن التدخل الغربى فى سوريا، وكانت إجابته: «تركيزنا على إيران. وأى شىء قد يسبب الشوشرة على ذلك لا نعده أفضل ما يمكن عمله».

 

فى كل الأحوال، يحرص أوباما بالطبع على تجنب أى تحرك عسكرى فى إيران. لكن هذه الاستراتيجية الإسرائيلية تصطدم مع المفاوضات الدبلوماسية لوقف البرنامج النووي ــ وتضيِّق مجال الاختيار فى سوريا أمام أوباما أيضا. إذ تتطلب الصفقة مع إيران دعما من روسيا، التى سوف تستضيف الجولة المقبلة من المفاوضات. فى حين ترفض روسيا من جانبها تنحية الأسد، عميلها لزمن طويل، عن السلطة بأية طريقة كانت.

 

●●●

 

إذا كان أوباما يرغب فى الحصول على دعم فلاديمير بوتن فى إيران، ربما يكون عليه الالتزام بالإجراءات التى أقرها بوتن بشأن سوريا. ويضع ذلك الإدارة الأمريكية تحت رحمة موسكو. فإما أن ينحدر أوباما إلى التوسل إلى بوتين الصلف من أجل تأييد الديمقراطية فى سوريا، أو ينبه بحدة بوتين المبتسم بسخرية متكلفة إلى أن موسكو تمهد الطريق لحرب أهلية مفجعة.

 

تكمن فى أصل هذه المشكلة أهداف أمريكا المضطربة والمتضاربة فى الشرق الأوسط. فهل تريد واشنطن الإطاحة بديكتاتوريتين وحشيتين عدوانيتين متحالفتين بصورة وثيقة تتمثلان فى حكم الأسد وعلى خامنئى فى إيران، أم عقد صفقات لاحتواء التهديدات التى يشكلها هذان النظامان؟ الإجابة لا هذا وحده ولا ذاك وحده، بل الأمران معا. إذ تقول إدارة أوباما إنها تسعى إلى تغيير النظام فى سوريا، لكنها حددت الهدف فى إيران على أنه التقارب مع حكم الملالى، مقابل منع الأسلحة النووية.

 

يحاول أوباما حل المعادلة الصعبة من خلال السعى فى الطريق الدبلوماسى متعدد الأطراف، مع كلا البلدين. لكن إذا كان تغيير النظام فى سوريا هدفا، فستئول حلول مجلس الأمن، والخطط ذات النقاط الست على شاكلة ما يطرحه كوفى أنان، إلى الفشل. إذ لن يؤدى إلى إسقاط نظام الأسد سوى الجمع بين الضغط الاقتصادى والعسكرى، سواء عن طريق معارضيه أو من الخارج.

 

وفى الجانب الآخر، قد يؤدى الانهيار إلى تقويض النظام الإيرانى نفسه الذى يسعى أوباما إلى التفاوض معه. ولذلك لا عجب فى سعى إيران إلى إضافة سوريا إلى الموضوعات التى سيتم مناقشتها فى الجلسة الأخيرة من المفاوضات، أو فى رغبة أنان ضم إيران إلى «مجموعة الاتصال» لإنجاز التسوية فى سوريا.

 

لقد رفضت إدارة أوباما كلا المشروعين ــ لأنهما لا يتسقان مع تغيير النظام فى سوريا. وسوف يسعد هذا التخبط فلاديمير بوتين، لكن ليس من المرجح أن يحقق ما هو أكثر من ذلك.

 

جماعة كتاب الواشنطون بوست كل الحقوق محفوظه النشر بإذن خاص .

جاكسون ديل كاتب عمود متخصص فى الشئون الخارجية فى الواشنطن بوست
التعليقات