جاء فى الصفحة الأولى للجريدة الأشهر فى مصر «الأهرام» فى صباح ١٣ سبتمبر الحالى «الرئيس يستجيب لاستغاثة سائق ميكروباص ويوجه بعلاجه بالمجان»، كان هذا هو عنوان الخبر الذى أشارت فيه الأهرام إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قد استجاب لاستغاثة أطلقها المواطن ناصر فايز عبر مقطع فيديو بثه على شبكة الانترنت بسبب إصابته بضيق فى القناة الشوكية وانزلاق غضروفى متعدد بالعمود الفقرى على نحو أعاقه عن الحركة بينما لا يملك نفقات علاجه. فى استجابة كريمة قرر السيد الرئيس علاجه بمستشفى وادى النيل مجانا.
بلاشك قراءة الخبر فى الصفحة الأولى تشعر كل من يقرأها بالارتياح ومنهم أنا الطبيبة. لكن ذلك الارتياح ينسحب بعد لحظات تاركا فوق رأسى سؤالا معلقا ملحا مؤرقا: ثم ماذا؟
هذا مريض مواطن مصرى من ملايين غير قادرين على مواجهة نفقات العلاج استطاع أن يصل إلى رئيس الجمهورية فأغاثه فمن للآخرين الذين ربما كانت غالبيتهم العظمى على حافة خطوط الفقر التى اتصلت وتواصلت لتصنع شبكة من البؤس القومى على الجانب الاخر من شبكات التواصل الاجتماعى لا تواصل بينهما ولا اتصال؟!
انحيازى الكامل للأرض التى نشأت عليها هو ما يجعلنى دائمة الاهتمام بقضية الصحة فيها. فلا هنا انتقد أو أهاجم أو حتى أعارض أو اتزلف إنما أحاول أن استجمع قوايا وانضم لكل أصحاب النوايا الحسنة المنشغلين بهموم الوطن الحقيقية الموجعة وأولها صحة الإنسان وحقه المشروع فى الصحة.
سيدى الرئيس: منذ بداياتى وأنا أعمل بمعهد القلب القومى. عاصرت فيه أياما زاهية كانت فيه أبوابه مفتوحة لأى مواطن مصرى مريض قلب. كانت تذكرة العيادة الخارجية فيه ثلاثة قروش ليس عليه أن يدفع بعدها مليما ليلقى الرعاية الكاملة بدءا من فحصه اكلينيكيا إلى إجراء التحاليل الطبية والأبحاث المختلفة والعلاج بالكامل سواء أكان إجراء عملية قلب مفتوح إذا لزم الأمر تحت مظلة العلاج على نفقة الدولة. لم يكن هذا الوقت ببعيد سيادة الرئيس عن وقتنا هذا الذى تنتظر فيه كل المؤسسات الطبية فى بلدى بلا استثناء ومنهم بالطبع معهد القلب القومى تبرعات أهل المروءة والكرم.
أعرف يا سيدى كل ما يمكن أن يقال فى هذا الصدد وأستوعبه فسنوات عمرى وطبيعة عملى وأدائى فى مجالات مختلفة من مجالات الخدمة العامة يكفل لى تجربة يكفى وصفها بالصدق والموضوعية.
أعرف جيدا وأستوعب كل الردود التى ستنهمر على رأسى كالمطر لتغلق كل الأبواب المفتوحة وتسد كل الخانات وتؤكد أن المتاح هو أفضل ما يمكن أن تكفله الدولة وأن النجاح باهر والعصر زاهر.
سيدى الرئيس: أنا أيضا أستغيث بك نيابة عن كل مريض يداهمه غول المرض وهو فى وضع غير المستعد أو القادر على الدفاع عن نفسه. أتمنى لو اتسعت دائرة أهل الخبرة فى مجال الصحة فى إدارتك لتشمل أصحاب الرؤية والدراية من كل التخصصات وجنود المجتمع المدنى فنحن بحاجة كحلول غير تقليدية لقضية الصحة التى أصبحت دون نقاش مع التعليم أكبر هموم الوطن.
سيدى الرئىس بك أستغيث حتى لا يكون العلاج لغير القادرين استثناء إنما قانون للتأمين الصحى عادل يضمن كرامة المواطن فى ظل الدولة.