المستشار الألمانى الهادئ أولاف شولتز.. إدارة ائتلاف من ثلاثة أحزاب ستختبر قدرته على الصبر والإقناع - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الخميس 2 يناير 2025 10:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المستشار الألمانى الهادئ أولاف شولتز.. إدارة ائتلاف من ثلاثة أحزاب ستختبر قدرته على الصبر والإقناع

نشر فى : الأربعاء 15 ديسمبر 2021 - 7:30 م | آخر تحديث : الأربعاء 15 ديسمبر 2021 - 7:30 م

نشرت مجلة The Economist مقالا، ركز على عقلية وصفات شخصية المستشار الألمانى الجديد أولاف شولتز، وأبرز التحديات التى تواجه الحكومة الائتلافية الجديدة والتى تعد بحق اختبارا لهدوئه وقدرته على الإقناع.. نعرض منه ما يلى.
الشعب الألمانى وغيره ممن تعلموا تقدير السلوك الهادئ لأنجيلا ميركل خلال 16 عامًا فى المنصب سيجدون الطمأنينة فى شولتز، الذى حل محلها كمستشار ألمانى فى الثامن من ديسمبر الجارى. فكلاهما يتمتع بأخلاقيات عمل مماثلة، وهما رصينان إلى حد ما ويتخذان قراراتهما بعد دراسة متأنية.
إن كل من يعرف السيد شولتز البالغ من العمر 63 عامًا يقول إنه طوال حياته المهنية، وتحديدا عندما قاد الحزب الديمقراطى الاشتراكى (SPD) إلى فوز انتخابى مذهل فى ولاية هامبورج، يتميز بصفة مهيمنة وهى المصداقية. تقول دوروثى مارتن، عضوة البرلمان عن الحزب الديمقراطى الاشتراكى (SPD) من هامبورج: «إنه لا يعد إلا بأشياء يمكنه تحقيقها». وخلال حملته الانتخابية هذا الصيف، اختصر قدراته فى حفنة من المقترحات المتواضعة، وكلها فى وثيقة الائتلاف الذى اتفق عليها الحزب الديمقراطى الاشتراكى مع حزبين صغيرين: رفع الحد الأدنى للأجور فى ألمانيا إلى 12 يورو (13.50 دولار)، والحفاظ على مقدار المعاش الذى تمنحه الدولة، بناء 400 ألف وحدة سكنية سنويا. كما يثنى زملاء آخرون على أخلاقيات العمل التى اتبعها شولز وبراجماتيته.
ومع ذلك، هناك ما يميز الزعيمين، ميركل وشولتز، وهو نفاد الصبر. السيد شولز يشارك ميركل جوا من الصفاء والكفاءة. لكن على عكسها، هو لا يستطيع إخفاء ازدرائه لأولئك الذين يعتبرهم غير مقنعين أو لا يتمتعون بالكفاءة اللازمة، وهى سمة يمكن أن تثير حنق الخصوم. فى هامبورج، حاول مساعدوه كتم أصوات المعارضين من خلال هتافهم بكلمة «owd»، اختصارًا لـ Olaf will das! («أولاف يريد ذلك»). يقسم الزملاء أن السيد شولز يمكن أن يكون شخصية مرحة. لكن أسلوبه الملتوى والمعقد فى الخطابة والاتصال مع الآخر لن يرضى أولئك الذين يتوقون إلى طريقة اتصال مباشرة مع مستشارهم الجديد شولتز. تم توجيه نقد له من قبل بأن شخصيته روبوتية أو آلية بشكل كبير. فمؤتمراته الصحفية مميتة خالية من الروح والتفاعل.
•••
نشأ السيد شولتز فى هامبورج، وتلقى تدريبه كمحامٍ للتوظيف. وهو كمثل العديد من الديمقراطيين الاجتماعيين المسنين، اليوم، انخرط فى اليسار الراديكالى من قبل، وحسب كلماته، عمد إلى «إزالة السموم» من نفسه بالانضمام إلى الديمقراطية الاجتماعية المعتدلة فى العشرينيات من عمره. لقد مارس السياسة الحزبية والسياسة الفيدرالية لعقود من الزمن، وعانى من انتكاسات؛ حيث طرد من دور كبير فى الحزب الديمقراطى الاجتماعى فى عام 2004، وكان ممن أثاروا أعمال شغب لإعاقة أعمال قمة مجموعة العشرين فى هامبورج فى عام 2017، كما خسر محاولة قيادة الحزب فى عام 2019. إلا أنه، على الجانب الآخر، حقق انتصارات؛ (فوزان انتخابيان هائلان للحزب الديمقراطى الاشتراكى فى هامبورج، والحملة الوطنية الكاسحة لهذا العام). فى عام 2018، دفع حزبه إلى دعم الحزب الديمقراطى المسيحى بقيادة ميركل ودخل فى «تحالف كبير» معه. شغل منصب نائب ميركل ووزير المالية، وهو الدور الذى مهد له الطريق للوصول إلى مكتب المستشارية الألمانية الذى اقتنصه الآن.
كونه قارئًا غزير الإنتاج، حوّل شولز وزارة المالية إلى مؤسسة عقول من نوع ما. إلا أن شولتز تشرب درسًا من الفائزين السابقين فى انتخابات الحزب الديمقراطى الاجتماعى وهو أن الألمان مجموعة معتدلة الفكر حذرة من أصحاب الرؤى. وبالرغم من أن شولتز كان غير محبوب من قبل أعضاء الحزب الديمقراطى الاجتماعى، إلا أنه قاد بمفرده تقريبًا رفاقه إلى فوز غير متوقع، وإن كان ضيقًا، فى الانتخابات فى سبتمبر الماضى. وهذا يمثل نهضة كبيرة لليسار الأوروبى، فقد فعل شولتز العجائب لحزب كان لفترة طويلة فى حالة ركود.
كان للوباء أيضا دور فى تعافى شولتز ومساعدته فى الوصول لمنصبه الحالى. لقد أمضى أول عامين من توليه منصب وزير المالية وهو يطبق الحكمة المالية المفرطة لألمانيا. ولكن عندما ضرب فيروس كوفيد ــ 19 البلاد، ألغى شولتز القواعد المالية المتبعة فى ألمانيا ليصرف مئات من المليارات على الإجازات وخطط دعم الشركات. لقد ساعد فى رسم صندوق التعافى للاتحاد الأوروبى أثناء الوباء 750 مليار يورو (845 مليار دولار)، وفى وقت سابق من هذا العام ساعد فى تحريك اتفاق ضرائب الشركات الدولية.
ستسيطر السياسة الخارجية والأوروبية على الكثير من وقت شولتز. وستركز طموحاته المحلية على المناخ. وهو يصف الانتقال إلى مستقبل خالٍ من الكربون بأنه أكبر اختبار صناعى لألمانيا منذ قرن وسيكون أيضا تحديا سياسيا.
•••
الأهم هنا هو أن اتفاق التحالف يُلزم الحكومة الجديدة بأهداف صارمة، بما فى ذلك حصة 80٪ من مصادر الطاقة المتجددة فى توليد الكهرباء بحلول عام 2030، لكنه اتفاق غامض بشأن كيفية تمويل الاستثمارات المطلوبة. قد يؤدى هذا الالتزام إلى إثارة الخلافات بين شركاء شولتز فى الحكومة التى تضم حزبين صغيرين بجانب حزبه الديمقراطى الاشتراكى، هناك حزب الديمقراطيين الأحرار الذى يسعى إلى تخفيض الضرائب، وحزب الخضر ذى الميول اليسارية.
إن إدارة الاشتباكات داخل ائتلافه ستختبر مهارات الوساطة والإقناع والصبر التى يتميز بها شولتز. فحزب الخضر أظهر بعضا من خيبة الأمل أثناء مفاوضات الائتلاف، لذلك سنرى ما إذا كانت مهارات السياسى الهادئ شولتز ستساهم فى خفض وتهدئة إحباطهم أم سيفشل. هذا فضلا عن الاضطرابات المحتملة فى صفوف الحزب الاشتراكى الديمقراطى نفسه. ولإدارة النزاعات، سيعتمد شولتز على حفنة من المساعدين والمساعدات الموثوق بهم وبهن، وفى المقدمة يأتى وولفجانج شميدت، وهو شخصية مفعمة بالحيوية ومكافأتها على عقود من الخدمة لشولتز ستكون توليه مهمة إدارة مستشاريته.
قد تتناقض شخصية شولتز الهادئة مع الطموحات الجادة لألمانيا. يقول دومينيك شويكرت، أحد الخبراء من مؤسسة فكرية ذات توجه يسارى فى برلين: «إن شولتز يعتقد أن ألمانيا فى عهد ميركل فشلت فى الارتقاء إلى مستوى إمكاناتها، وتحتاج الآن إلى تجديد تدريجى».
ومع ذلك، وبفضل خططها الإصلاحية المبدعة، ستُذكر السيدة ميركل بشكل أساسى باعتبارها المديرة العامة للأزمات فى أوروبا. وستثبت الأحداث غير المتوقعة أنها اختبار حقيقى للسيد شولتز. فهو يتولى منصبه وسط موجة رابعة وحشية من فيروس كورونا واحتمال تجدد الحرب فى أوكرانيا. وفى الوقت الحالى، يحيط جو من التفاؤل بحكومته الائتلافية الجديدة لأنها غير مختبرة بعد.
كانت ميركل الأقوى على الساحة الأوروبية لأن الآخرين كانوا ضعفاء. ففى حين أن المستشار الألمانى الأسبق، هيلموت كول، الذى شغل منصب المستشارية فى الفترة من 1982 إلى 1998، كان له منافسون كالرئيس الفرنسى فرانسوا ميتران، كما كان للمستشار الألمانى كونراد أديناور منافس كالرئيس الفرنسى شارل ديجول، كانت السيدة ميركل تقف وحدها بشكل عام. ولحظة صعود ماكرون فى فرنسا وترقية ماريو دراجى إلى منصب رئيس الوزراء فى إيطاليا، قد تكون قصيرة. فكلاهما يمكن أن يختفى العام المقبل.
على كلٍ، نعود لحديثنا عن المستشار أولاف شولتز وكما ذكرنا أعلاه فإن مناصرى شولتز يرددون دائما عبارة Olaf will das أو «أولاف يريد ذلك»، لكن هل يحصل المستشار الجديد دائمًا على ما يريد؟.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: هنا

التعليقات