لا شك فى أن الزيارة التى ينوى الرئيس الأمرىكى باراك أوباما القيام بها لكل من إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية فى 20 مارس المقبل، هى زيارة مهمة للغاية، وخصوصا أنه كان من المقرّر أن يقوم بها فى يونيو المقبل. وعلى ما يبدو فإن سبب تقديم هذه الزيارة يعود إلى التغيير الذى طرأ على الاستراتيجية المتعلقة بسياسة الولايات المتحدة الخارجية.
ووفقا لهذا التغيير، لم تعد منطقة الشرق الأوسط تتصدّر اهتمام السياسة الخارجية الأمريكية، وحلّت الصين محلها. وفى موازاة ذلك فإن الإدارة الأمريكية ملتزمة بتقليص نفقاتها الأمنية، ولذا فهى مضطرة إلى تقليص وجودها العسكرى فى الشرق الأوسط. ويضاف إلى هذين الأمرين أن الولايات المتحدة تبذل فى الآونة الأخيرة جهودا كبيرة للتحرّر من تبعيتها للنفط الشرق أوسطى.
إن هذه التطورات الثلاثة تجعل الأمريكيين يقللون من اهتمامهم بالشرق الأوسط إلى الحد الأدنى. وهذا لن يحدث صباح غد، وإنما فى نهاية سنة 2014، بالتزامن مع انسحاب الجيش الأمريكى من أفغانستان. ويظهر أنه من أجل تنفيذ هذه الاستراتيجية توصل الرئيس أوباما، ووزير خارجيته الجديد جون كيرى، إلى استنتاج فحواه أنه لا بُد من إغلاق الملفات التى ما زالت مفتوحة فى الشرق الأوسط، والتى من شأنها أن تلحق أضرارا بهذه الاستراتيجية، وهذه الملفات هى إيران وسوريا والفلسطينيون ومصر.
ويعتقد وزير الخارجية كيرى أن إغلاق ملف النزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى يمكن أن يشكل مفتاحا لتجنيد تحالف عربى وأوروبى لإغلاق ملفى إيران وسورية. وثمة خشية لدى وزارة الخارجية الأمريكية من أن تُغلق نافذة الفرص أمام حل الدولتين لهذا النزاع، من خلال انفجار انتفاضة فلسطينية ثالثة.
بطبيعة الحال لن يتم الوصل إلى حل للنزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى حتى سنة 2014، لكن يمكن إيجاد مناخ يمنح الأمريكيين قوة لمواجهة الملفات الأخرى، وفى مقدمتها الملف الإيرانى. ومعروف أن الرئيس أوباما يرغب فى أن يغلق الملف الإيرانى بالوسائل الدبلوماسية، ولذا فإنه سيجرى مفاوضات ثنائية مع طهران. مع ذلك، لا بُد من القول إنه فى حال فشل الوسائل الدبلوماسية يمكن
أن تقوم الولايات المتحدة بشن هجوم عسكرى على إيران.
محلل عسكرى
«يديعوت أحرونوت»
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية