الرئيس وجماعته وحزبه فى أزمة.
الأرجح أن المأزوم هو أكثر الناس احتياجا إلى الحلول، والمفترض أن يكون الأشد سعيا ورائها، لكن المأزومين أنواع، منهم من يهتم بأزمته ويقيم أدائه فيها، ويمارس نقدا ذاتيا لتجاربه لعله يجد الحل كله أو بعضه لديه، ومنهم من يتمادى فى الإنكار، ويستسهل إلقاء المسؤولية على غيره، ويعلق الفشل على شماعة تلو شماعة، حتى تصير مهمته البحث الدائم عن الشماعات.
المؤامرة شماعة..
تشبث بها الرئيس وجماعته وحزبه، توسعوا فى الاتهامات المبهمة المجهولة طويلا، مارس رئيس الدولة «تلسينا» لا يليق بموقعه، ومارس حزبه وجماعته ذات التلسين، بأحاديث مطاطة وكلام مرسل، وتلطيش لفظى فى كل اتجاه، وأحاديث عن أموال تخرج وأموال تدخل و«سبعة خمسة تلاتة اتنين فى حارة مزنوقة»، ومتمردون يطلقون أسلحة ثقيلة على طائرات عسكرية، لكن هؤلاء يزوغون حين تذكرهم أن هناك أجهزة تحقيق وإجراءات لابد أن تتخذ ضد من يثبت تآمره، وإجراءات أيضا لابد أن يتخذها أى رئيس يعرف أقل القليل عن دوره ومهمته تجاه من يستهدفون الطائرات العسكرية بالأسلحة الثقيلة كما زعم فى ألمانيا، ولديه نائب عام صديق وليس مناوئا للسلطة، لن يتوانى عن التحرك بمجرد أن يتيح له الرئيس ما لديه من معلومات وأدلة و«تسجيلات» يفصح عنها هو وجماعته وحزبه فى كل مناسبة إثباتا لزمن استباحة جديد.
لكن لا أدلة ولا يحزنون، والرئيس الذى بيده مقاليد أجهزة الدولة، لا يملك ما يرد به إذا ما طلب منه أحد الدليل.
الدولة العميقة شماعة..
وجزء من تفسير عجز الرئيس عن تقديم أدلة يرده زملاؤه فى الجماعة والحزب ومن يتطوعون بالتبرير له فى وسائل الإعلام، يعود إلى الدولة العميقة، الرئيس لا يملك قرار أجهزة كثيرة فى الدولة، وبالتالى فأفكاره لا تجد من يطبقها بأمانة، هذه الأجهزة ومن فيها من بقايا النظام البائد تتآمر على الرئيس.. هل هذا عذر إذن أم ذنب؟
تذكر أن أهم إنجاز تروجه جماعة الرئيس وأهله وعشيرته لنظام حكمه هو ما قيل عن «إبعاد العسكر» حتى كاد بعضهم يطلب تحويل الاحتفالات بالثورة إلى أغسطس وقت خروج طنطاوى وعنان، باعتباره علامة انفراد الرئيس المدنى المنتخب بالسلطة، حاولت وقتها أن تصدق ذلك، وأنت تسمع إصرار الإخوان على أن القرار كان قرار الرئيس لم يأت من البيت الأبيض، ولم يأت من داخل الجيش ويوقعه الرئيس فحسب.
دعك مما جرى بعد ذلك من تكريم للجنرالين وتحقيق لكل أهداف المؤسسة العسكرية فى الدستور، لكن وأنت تصدق أن إبعاد العسكر إنجاز، كيف تصدق من يروجون لك أن هناك دولة عميقة تتآمر على الرئيس الذى أبعد العسكر، وأن الرئيس المدنى الذى أبعد أهم قائد جيش فى تاريخ المنطقة وألزمه التقاعد، عاجز عن إدارة ضباط الشرطة أو مفتشى التموين، أو أى موظف فى هذه الدولة.
إما أن النظام يحترف البحث عن الشماعات وطرحها كأى مأزوم يختار الحل الأسهل.. أو أنه ليس صانع القرار، فى الحالتين أنت تدين الرئيس، لأن كل شماعة حتى لو صحيحة ذنب، وكل عجز حتى لو خارج القدرة دليل إضافى على مزيد من الفشل.