قضية الساعة العلمية: مستقبل المضادات الحيوية - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 11:04 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قضية الساعة العلمية: مستقبل المضادات الحيوية

نشر فى : الجمعة 16 فبراير 2024 - 10:00 م | آخر تحديث : الجمعة 16 فبراير 2024 - 10:00 م
كشفت جائحة كوفيد ١٩ التى تعرض لها العالم فى السنوات القليلة الماضية أنه رغم التطور العلمى الهائل والذى لا يتوقف عند حد بل يسابق الزمن إلا أن تهديد الطبيعة للإنسان دائما أيضا فى تطور. أنواع جديدة من الفيروسات المتحورة والميكروبات ذات القدرات القتالية الهجومية الفريدة فى دقة إصابتها للهدف سرعان ما تظهر مهما حاول الإنسان مسلحا بالبحث العلمى أن يهزمها.
من أهم القضايا العلمية المثارة حاليا فى مراكز البحث قضية المضادات الحيوية وكيف أنها تتراجع أمام قدرات تلك المخلوقات بالغة الدقة من عالم الميكروبات والباكتيريا فى الوقت الذى تظل فيه الفيروسات خطرا عظيما يهدد صحة البشر إذ إنها لا تستجيب إلا لبعض مضادات الفيروسات بينما لا تقوى عليها المضادات الحيوية المعروفة.
تراجع قدرات المضادات الحيوية أمام قدرات الميكروبات الخارقة قضية صحية عالمية بالغة الأهمية تعقد لها الآن مؤتمرات علمية دورية لا يقتصر الحضور فيها على العلماء والأطباء فقط إنما إلى جانب علماء الميكروبيولوجى ينضم العديد من أطباء فى مختلف التخصصات، وأيضا شخصيات اقتصادية وسياسية وخبراء فى علم الاجتماع.
الأمر فيما يبدو لم يعد ظاهرة محدودة لفتت نظر بعض المراكز الطبية إنما هو خطر واضح يهدد الجنس البشرى كله بأن يعود إلى تلك الأيام التى سبقت اكتشاف ألكسندر فيلمنج العظيم للبنسلين. سبعمائة ألف من البشر يلقون حتفهم الآن سنويا نتيجة لتزايد ظاهرة مقاومة الباكتيريا المرضية لأثر المضادات الحيوية التى تتراجع أمام جسارة الميكروبات وقدراتها الذاتية الجديدة المكتسبة.
عزيزى القارئ: حتى تتصور أهمية الحدث لك أن تعلم على سبيل المثال أن العمليات الحديثة التى تتم لزرع الكلى أو الكبد أو عمليات القلب المفتوح قد تتوقف تماما. ففى عمليات زراعة الأعضاء يتناول المريض أدوية مثبطة لجهاز مناعة الإنسان الذاتى حتى لا يطرد الجسم العضو المزروع. تصور أن وجود أى ميكروب مهما بلغت درجة ضعفه قادر على أن يغزو جسم الإنسان المستباح فى تلك الظروف فى غيبة المضادات الحيوية.
الواقع أن أهم سبب لنشأة تلك السلالات من الميكروبات المقاومة لأثر المضادات الحيوية يرجع فى المقام الأول لسوء استخدام الإنسان لها. الإسراف فى وصف المضادات الحيوية فى مواقف كثيرة لا تستدعى أن يصفها الطبيب. لجوء الإنسان لتناولها دون استشارة طبيب وسوء استخدامها فى حالات نزلات البرد والأمراض الفيروسية التى لا تجدى معها المضادات الحيوية المعروفة.
استخدام المضادات الحيوية فى مزارع الدواجن والأسماك ومع الأعلاف بل فى آسيا يستخدمونها فى المجارى المائية.
أيضا استخدام المضادات الحيوية غير الملائمة لحالة المريض دونما إجراء مزرعة بكتيرية لتحديد نوع من المضادات الحيوية فعال. كلها صور لسوء استخدام المضادات الحيوية الأمر الذى تستعد له الميكروبات المختلفة بتغيير صفاتها الوراثية الأمر الذى يمكنها من مقاومة أثر المضاد الحيوى بضراوة وإبطال مفعوله.
العالم ينتظر من العلم والعلماء بداية حقبة جديدة من الاكتشافات الفعالة المؤثرة.
من يدرى ربما نحن بالفعل على أعتاب مرحلة علمية غير مسبوقة متطورة تضمن لنا نهاية ذلك السيناريو الكارثى فتجهض وتسجل انتصارا ساحقا على الميكروبات العنيدة.
دمتم جميعا سالمين.
التعليقات