«أخيرا انتهت إجراءات معاش الضمان الاجتماعى» قالتها ماجدة ــ التى تساعدنى فى أعمال البيت مرة كل أسبوع ــ كان وجهها متهللا وهى تزف لى الخبر فقد كانت ماجدة تجرى وراء هذا المعاش منذ عدة شهور وبالتحديد بعد الثورة، «رفضوا ضم الولدين التانيين وقالوا المعاش لـ3 أفراد فقط، ومن أول الشهر الجاى هاقبض 165 جنيه، 55 جنيه لكل واحد، زى بعضه نوايه تسند الزير» اكملت ماجدة التى تعول وحدها أسرة مكونة منها واربعة ابناء فى مراحل التعليم المختلفة بعد طلاقها من زوجها الذى كانت تعوله أيضا.
ولو كان الدكتور سمير رضوان وزير المالية يعرف مدى حاجة ماجدة وأمثالها الماسة لمعاش الضمان الاجتماعى لكان أصر على رفع الحد الأدنى لهذا المعاش للمستوى اللائق الذى يوفر أساسيات الحياة لهم ولكن المذهل أن وزير المالية لم يجد أبوابا لترشيد الموازنة سوى مخصصات الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة فضحى بكل سهولة بالزيادة الزهيدة لمعاش الضمان الاجتماعى التى كانت تتضمنها النسخة الاولى من الموازنة ليصبح 200 جنيه بدلا من 165 جنيها، لتبقى الموازنة «المعدلة» على الحد الأدنى لمعاش الضمان الاجتماعى دون زيادة، ثم فاجأنا الوزير بنفس السهولة بالعدول عن زيادة الحد الأدنى للمعاش العادى إلى 300 جنيه كما كان مقررا فى الموازنة الاولى ورغم تواضع الزيادة إلا أن نحو 4 ملايين مصرى ممن يحصلون على معاشات تقل عن 300 جنيه كانوا بانتظارها لتحسين احوالهم المعيشية، وتوالت المفاجأت الثقيلة لوزارة المالية فنراها تتراجع ايضا عن زيادة حد الاعفاء الضريبى على الدخول من 9 الاف جنيه حاليا إلى 12 الفا ليوفر الوزير 3 مليارات اخرى للموازنة، وكان يستفيد من هذه الزيادة صغار الموظفين الذين كانوا يراهنون عليها لتحقيق بعض التحسن فى دخولهم، اما اخر هذه المفاجات فهى خفض الحد الادنى للاجور، فرغم الاستياء الشديد الذى اثاره رقم الحد الادنى الذى اعلنته الحكومة وهو 700 جنيه والذى لم يلب طموحات الناس قبل الثورة وبعدها الا ان وزير المالية اعلن فى النسخة المعدلة من الموازنة التى اعتمدها المجلس العسكرى ان الحد الادنى 684 جنيها بانخفاض 16 جنيها عما تم اعلانه فى الموازنة الأولى!!
الشيئ الغريب أن الحكومة التى حرصت على ابقاء الوضع على ما هو عليه للشرائح الفقيرة لم تستجب لمطلب وضع حد أقصى للأجور على الرغم من ان هذا البند قد يسهم فى تغطية جانب من عجز الموازنة، وبعد ذلك كله مازالت الحكومة تتحدث عن العدالة الاجتماعية!!