خيم حزن ثقيل علي صباح العالم هذا الثلاثاء الماضى فقد غيبت نهاية مأساوية على وجه السينما الضحوك روبين ويليامز. أنهى صانع البهجة وفيلسوف الكوميديا حياته بأن لف حول رقبته حزاما جلديا ليشنق نفسه فى لحظة غاب عنه فيها العقل وتوقف القلب بغتة.
كان البعد الإنسانى للكوميديا هو مفتاحه لقلوب كل من يشاهد أفلامه وكان الضحك دائما هو رد الفعل على تعليقاته الذكية وتعبيراته الخاصة وحركته التى تضح بالحيوية وتشى بروح مرحة.
فمن أين واتاه ذلك القدر الغادر وكيف تسلل إلى روحه الاكتئاب لينتصر للموت ويهزم الحياة!
اغتيال روبين ويليامز لنفسه تحت وقع قسوة ضربات الاكتئاب الموجعة وفشله فى أن يخرج من تلك الدائرة الجهنمية التى أحاطت بعنقه جاءت بمثابة الحجر الذى حرك بحيرة الماء الراكد. ألقى الضوء على قضية الحالات العقلية والنفسية لإناس يعيشون بيننا ويقاسموننا أيامنا.
تعودنا فى بلادنا أن نلتمس البركة لدى طفل مختل متخلف عقليا بدلا من أن نلجئه إلى الأمان فى مكان للعلاج.. درجنا على معاملة المختلين نفسيا على أنهم «مجانين» وخلطنا دائما بين الأمراض النفسية والعقلية هما المرادف للصحة الجسدية.
تناسينا أن حالة الإنسان النفسية تنعكس فى مرآة صحته الجسدية وأن الأمراض النفسية لا تقل خطورتها عما نعرفه من مختلف أعضاء الجسم من أمراض.
الاكتئاب مرض أشد فتكا من السرطان. تعالج أنواع كثيرة من السرطانات بنسبة شفاء عالية للغاية فالعلاج هنا للجسد الذى يستجيب أما الاكتئاب فيطال الروح ويغيب العقل لذا فعلاجه يستلزم جهود المريض والطبيب والعائلة المحيطة بالمريض.
ستة من علماء نوبل فى العلوم والفيزيا حصلوا على الجائزة فى سنوات مختلفة وهم مرضي عقليون مصابون بالفصام وازدواج الشخصية فالمرض متى تم تشخيصه لا يخيف وقد ينهى التدخل السريع الكفء الأمر دون مضاعفات.
يعيش الزوجان ويليامز فى غرفتى نوم منفصلتين لذا حينما دخلت الزوجة حجرتها فى نهاية يومها لم تتفقد زوجها وحينما أصبحت خرجت لشئونها دون أن تلقى عليه تحية الصباح لذا فقد علمت بنبأ رحيله من الأخبار. اغتال الاكتئاب روبن ويليامز حينما داهمه وحيدا رغم ثلاث زوجات تتابعه فى حياته وثلاثة أبناء وكان أول من اكتشف وقائع انتحاره مساعده الشخصى.