مازال العلم يقف حائرا أمام ذلك اللغز الداهية الذى طال وجه الكرة الأرضية بالكامل. الحديث متواتر عن علاج أو لقاح ما زال بظهر الغيب، بينما الموت يحصد الآلاف إثر إصابتهم بعدوى كوفيد ــ ١٩. لا أحد مهما كان قدر العالم ومساحة المعرفة التى يملكها، ويتحدث به منطق قوتها يمكنه الآن أن يتنبأ بما قد يحدث خلال أيام قادمة. بعد انفراجة بسيطة للأزمة أعادت للعالم بعضا من أمل فى نهاية وشيكة للكابوس عاد الفيروس ليطل بوجهه القبيح فى صورة جديدة أربكت العالم وزاد العلم حيرة.
من الواضح أن الآثار العضوية التى يعانيها الإنسان من أعراضه بعضها بسيط تندرج إلى أعراض قاسية قد تنهى حياة الإنسان بعد معاناة مريرة مع مشكلات التنفس أو هبوط القلب أو جلطات الشرايين الحادة فى القلب والمخ. معركة غير متكافئة يخوضها الإنسان مع كيان خارق لا يرى بالعين المجردة.
لا يقف الأمر عند هذا الحد من إيذاء الجسد الإنسانى لكنه فيما يبدو ويشير إليه العلم قد تخطاه إلى إيذاء النفس وإحداث أنواع من التأثيرات النفسية المدمرة. التوتر العصبى والضغوط النفسية التى ينجم عنها الكثير من التأثيرات العضوية عدد من الدراسات النفسية المهمة يتحدث الآن عن الآثار السلبية التى نتجت عن التباعد الاجتماعى والذى يعد القاعدة الذهبية للوقاية من العدوى، أيضا ظاهرة تعليم الأطفال عن بعد والعمل من المنزل.
تجربة العمل من المنزل كان لها الحظ الأكبر من الدراسة: تلك التى مكنت الإنسان من أداء عمله مستعينا بالكمبيوتر من حجرة نومه فى ولاية أمريكية لشركة فى آسيا!
تجربة بلاشك جديدة تماما قد تبدو خلاقة مريحة فى بدايتها لكن الواقع يشير إلى غير ذلك.
يشير علم النفس إلى أن الإحباط ومشاعر التوتر والقلق سرعان ما تتآلف لتمثل ضغطا عصبيا قد لا يغطيه الإنسان إلى مصدره لكنه بلا شك سيعرف أبعاده حينما يلجأ لطبيب نفسى. الذهاب للعمل والانقطاع ساعات لتحقيق هدف مع مجموعة من زملاء يمثل أهمية نفسية لا يمكن تجاهلها أو التغاضى عنها. فنجان القهوة الذى يشعر الإنسان بالألفة وخلال تناوله تحل مشاكل كثيرة وتتقارب وجهات نظر.
العمل من المنزل لا يوفر للإنسان الطاقة الذهنية المحفزة على العمل والدافعة إلى الإنتاج الذهنى.
هكذا تحدث أستاذ علم النفس البريطانى جورج لويد الذى حل ضيفا على أحد برامج التليفزيون الثقافية الرصينة.
أعان الله العالم على تلك الحيرة الحالكة التى قاده إليه كيان ضئيل.. وبشر يقودونه للتهلكة دينهم السياسة.