بين صورتين الفارق كبير لكنه كاشف - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 10:44 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

بين صورتين الفارق كبير لكنه كاشف

نشر فى : الخميس 17 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 17 يناير 2013 - 8:00 ص

هذا الذى تراه بين صورتين المفترض أن كليهما يعبر عن حادث القطار الأخير، الأولى فى مستشفى المعادى العسكرى، يبدو خلالها الرئيس مرسى وكبار قادة القوات المسلحة يزورون أحد المصابين فى الحادث، والثانية فى مستشفى البدرشين حيث يرقد 4 مصابين كل اثنين على سرير.

 

مطلوب منك أن تدقق بين الصورتين، أن تلعب اللعبة القديمة بالبحث عن الاختلافات، ولأن الاختلافات كثيرة مطلوب منك أن تتدبر فيها، وأن تواجه علامات الاستفهام التى ستتفجر فى رأسك.

 

اختار الرئيس المستشفى النظيف المنظم، الذى ينام فيه كل مصاب على سرير منفرد، وربما فى غرفة منفردة، وتبدو ملامحه طيبة، ملابسه نظيفة، وشعره مهندم، الرئيس لا يريد لصورته التى ستوزع فى العالم أن تكون مرتبطة بالفقر، رغم أنه ابن هذه المعاناة التى كانت فى مستشفى البدرشين أو مستشفى الحوامدية.

 

الطبيعى أن يكون الرئيس فى البدرشين أو الحوامدية، يواسى الضحايا الذين غدر بهم الحادث، وغدرت بهم الإمكانات، وكما نقلت الشهداء وأشلاؤهم إلى المشرحة فى توابيت جماعية، وضعت المصابين منهم على أسرة جماعية.

 

لماذا مكانه هناك؟

 

لأن تلك طبائع الأمور، فالرجل القادم من وسط الكادحين من المفترض أن يكون مكانه بينهم، هذا أولا، وثانيا أن الرجل القادم بدفع وإنجاز ثورة قامت من أجل التغيير والعدالة الاجتماعية، هنا مكانه أيضا، لكن الرجل أصر على التقاط ذات الصورة التى لو كان مبارك هو الذى فى الحكم لكان التقطها دون تغيير ولو طفيف فى الكادر.

 

كان مطلوبا من الرئيس أن يذهب لمستشفى البدرشين، يدخل العنابر ويشاهد المصابين يتقاسمون الأسرة، ليعرف إذا كان لا يعرف، ليس ليتحمل المسئولية فى إهمال دائما ما يرجعه رجاله إلى الماضى دون أن يتحدثوا عما فعلوه ليبلغوا بنا المستقبل، ولكن ليفهم وتفهم معه أن إضراب الأطباء الذى أجهضه الإخوان قبل أن يؤتى ثماره ما كان يهدف سوى لضمان ألا تتكرر هذه الصورة، ألا يتميز من شاء قدره أن يرقد فى المستشفى العسكرى عن من رقد دون حيلة منه فى مستشفى البدرشين.

 

كان مطلوبا من الرئيس أن يذهب ويدقق فى رقدة اثنين من المصابين على ذات السرير، ليعرف أن ما أحدا خدعه، وقال له إنك ستتسلم وطنا مرفها، لكنه كان يعلم أن القطارات تحمل الموت، والمستشفيات لا تحترم الإنسان، كان يعلم ولم يرحم من سبقه بالنقد والهجوم وتحميل المسئولية، وتقدم لهذه المهمة برضاه واختياره ــ أو هكذا نظن ــ ومن حق الجميع أن يحاسبه، ومن حق الجميع ألا يقدم لهم الرئيس مبررات ويعلق لهم الفشل على شماعات صارت بالية ولم يعد يجدى اللجوء إليها، إلا فى التأكيد على أنه لا شىء تغير، وخلف كل سلطة تذهب سلطة جديدة تستمر فى خداع شعبها وتخديره بالوهم.

 

 الفارق بين الصورتين يكشف لك حقيقة مهمة عن نجاح الثورة فى مهمتها ونحن على أعتاب ذكراها الثانية، هل تغير النظام أم جرى استبدال وجوهه فقط فيما الثقافة واحدة، والانحيازات ثابتة، وأنماط التعامل مع الكادحين لا تتغير، يغلفها شعارات الحرص والتبنى، بينما يكمن فى جوهرها كل معانى الازدراء والتهميش والإهمال.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات