لا أحد يمكن أن ينكر أثر الشبكة الإلكترونية فى نشر المعارف بل وتسهيل جمع المعلومات حتى أنه بضغطة إصبع على مفاتيح الكيبورد يمكن لأى إنسان أن يستقبل شلالا من المعلومات عن أى موضوع يشغل فكره أو يحير باله.
ولكن إلى أى حد يمكن للإنسان أن يعتمد على تلك المعلومات التى تنهمر متدفقة وإن كان لا يدرى مصدرها الأساسى وإن حمل الموقع اسما معروفا؟ يعد موقع «web.MD» أحد المواقع الأكثر شهرة فى مجال المعارف الطبية حتى أن إحصائية أمريكية تشير إلى أنه منذ مطلع هذا الشهر «مارس» قد زاره ثمانون مليونا من الباحثين عن المعلومات الطبية أو الذين يبحثون عن تشخصيات لأمراض وأعراض دونما رغبة فى زيارة طبيب أو الذهاب لمستشفى.
الواقع أننى حينما بدأت كتابة صفحة صحة وتغذية كنت أحرص ما أكون على عدم الالتجاء إلى مواقع الشبكة الإلكترونية المتاحة للعامة. على الرغم من ثقتى فى أن فيها من المواقع التى تبدأ مصداقية علمية وتشرح الأمور بصورة مبسطة. كنت أيضا أعلم أن منها ما يخضع لرقابة هيئات متخصصة فى المعايير والجودة حتى أن هناك نظاما يعنى بتقديم شهادات اعتماد لتلك المواقع. من تلك الشهادات المعروفة شهادة اعتماد منظمة «إيراك» وهى مؤسسة أمريكية صحية غير ربحية لها معايير خاصة لتقييم جودة الخدمات الطبية والصحية التى تقدمها مواقع الشبكة الإلكترونية وجود ختم «إيراك» على المحتوى الطبى لأى موقع يضمن قدرا مهما من سلامة المعلومات ودقتها.
لكن حقيقة الأمر أن «إيراك» لا تستطيع التدخل إلا لمن يرغب من المواقع فى الحصول على خدمتها وبالتالى على الموقع أن يقدم كل ما تطلب إيراك من ضمانات لمعرفة مصادر الموقع فى المعلومات والمقاييس والمعايير التى يلجأ إليها الموقع لعرض المعلومات وتوفير الخدمات لزوار الموقع.
تقدر جهات متعددة أن هناك نسبة لا تقل عن ٦٠٪ من الأمريكيين يعتمدون اعتمادا مباشر على مواقع الصحة فى اختيار الأطباء والمستشفيات التى يلجئون إليها للعلاج لذا فأهمية تلك المواقع تبدو عظمية الفائدة للأطباء والمستشفيات الخاصة.
لكن فى الوقت ذاته أعلنت لجنة رعاية الجودة وهى هيئة تنفيذية تابعة لوزارة الصحة البريطانية فى تقرير لها أن الأمر ليس لما يؤمن البعض بمصداقيته.
لاحظت اللجنة التى راجعت خدمات ٤٥ مؤسسة لتقديم الرعاية الطبية الأولية عبر الإنترنت ومسجلة لدى «لجنة رعاية الجودة» أن يتم عدم أخذ معلومات كافية عن تاريخ المرض والشكوى للمرضى قبل وصف أدوية لهم وأن ثمة شكوك حول صحة التشخيص الذى يتم بسرعة ودون تروٍ.
أكدت اللجنة أيضا أن المعلومات الطبية لا تراجع بصورة دائمة ولا يتم تحديثها بصورة تسمح بتوافر معلومات هامة فى تطور وسائل العلاج.
حديثى اليوم أراه هاما لأن ما نعانيه من مشاكل جوهرية فى منظومة الصحة يدفع بالكثيرين للبحث عن المعلومات خاصة فى فروع الوقاية من الأمراض والتعرف عليها بالفعل من الشبكة الإلكترونية وربما وسائل الإعلام المتاحة.
لذا أتمنى لو توخينا الحرص فى اختيار المواقع ذات المصداقية والتى لا تعتمد على الإعلانات فيبقى الإعلام والإعلان خطرا للغاية؟ رفيعا يحتاج إلى قدر من الوعى والإدراك كبيرين.
أما الأهم فهو عدم الالتجاء لشراء أى أدوية غير معروفة لمجرد وجودها على مواقع مختلفة حتى الفيتامينات ومركبات الطاقة فالغالب منها مزيف إذ لم ينفع يضر حتى الذى يعلن عنها فى أوروبا وأمريكا وليست بلادنا وحدها.
الشبكة الإلكترونية سلاح ذو حدين خاصة فيما يخص صحة الإنسان.. فانتبهوا إليها.