تلك الساعات الإضافية التى تقضيها فى العمل بعد ساعات العمل العادية هل لك أن تتخيل أنها تحمل خطرا على حياتك؟ لسنا أصحاب الخبر لكنها جمعية أمراض القلب الأوروبية التى نشرت تلك الدراسة فى مجلتها العلمية European Heart Journal هذا الأسبوع.
الدراسة أجراها معهد الصحة المهنية الفنلندى ــ هلسنكى وانتهت إلى أن من يعملون بصفة مستمرة تقريبا أعمالا إضافية تستغرق ما بين إحدى عشرة واثنتى عشرة ساعة فى اليوم بدلا من ساعات العمل العادية والتى لا تزيد على ست أوسبع ساعات فى اليوم، هم أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية وأمراض شرايين القلب التاجية من غيرهم بقدر يصل إلى ستين بالمائة.
الدراسة نشرت كدراسة متميزة استحقت أن يعلق عليها رئيس الجمعية فى المقال الافتتاحى للمجلة إذ إنها أجريت على عدد تجاوز سبعة آلاف رجل وامرأة من سن التاسعة والثلاثين إلى الواحد والستين تمت متابعتهم جميعا بين عام 1991 وحتى عام 2004 ثم مراجعة مصائرهم عام 2009.
الدراسة بالفعل تربط بين الضغوط النفسية والجسدية التى يواجهها من يضطرون للعمل أكثر من طاقتهم والإصابة بأمراض القلب. الدراسة بذلك تضيف إلى عوامل الخطر التى يسأل عنها الأطباء مرضاهم مثل ارتفاع ضغط الدم والسكر والسمنة والتدخين والضغوط المختلفة نوعا محددا من الضغوط النفسية والعصبية لم تتنبه إلى دراسات سابقة.
توصى الدراسة فى النهاية الأطباء بأن يسألوا مرضاهم عن ساعات عملهم حتى إذا كانوا يحصلون على إجازة نهاية الأسبوع فالواقع أن ساعات العمل الإضافية المستمرة فى حد ذاتها ضغط عصبى من نوع مختلف له أثر على سلامة شرايين الإنسان. لم توضح الدراسة تحديدا كيف يمكن لذلك الضغط أن يتسبب فى قصور عمل الشرايين التاجية وإن أشارت إلى علاقة ذلك بارتفاع ضغط الدم الذى كان أهم الأعراض التى عانى منها أغلبية النساء والرجال على حد سواء.
ستون بالمائة نسبة مهمة للغاية فى تقدير العاملين بالبحث العلمى تجعل من تلك الدراسة حدثا علميا يقف المرء أمامه سائلا نفسه: هل يمكن مقارنة الأجر الإضافى بساعات من عمر الإنسان؟ بالطبع هناك عوامل أخرى كثيرة قد تتدخل لتلون الإجابة. لكن العلم لا يعرف إلا لون الحقيقة.