نشرت مجموعة الأزمات الدولية تقريرا يتناول موضوع تحوّل ميزان القوى فى شمال اليمن. فى مطلع عام 2014، كسب المقاتلون الشيعة الزيديون، المعروفون بالحوثيين، أو أنصار الله، سلسلة من المعارك، ما أدى فعليا إلى إحكام سيطرتهم على محافظة صعدة، على حدود السعودية، والتوسّع جنوبا إلى أبواب العاصمة صنعاء. الآن، ثمة مجموعة متفرقة ومتقطعة من حالات وقف إطلاق النار، رغم أنها فى خطر نتيجة موجات من العنف. ثمة تصاعد فى التوتر بين الحوثيين وخصومهم المتعددين عائلة الأحمر، والفريق على محسن الأحمر وحلفائه العسكريين، المقاتلين السلفيين، والحزب الإسلامى السنى، الإصلاح، والقبائل المرتبطة بهم. تتنامى المخاوف من أن تصعيدا جديدا يمكن أن يجر الدولة اليمنية إلى صراع طويل. من أجل تجنب اشتعال الأوضاع، على الأطراف تحويل التفاهمات الأولية غير المكتملة التى تم التوصّل إليها خلال مؤتمر الحوار الوطنى فى البلاد إلى خطة سلام قابلة للتطبيق.
•••
أشار التقرير إلى أن تصاعد العنف المتجدد يأتى فى وقت حساس من المرحلة الانتقالية للبلاد. فى يناير 2014، أكمل اليمنيون مؤتمر حوارهم الوطنى، الذى خرج بمخطط لإصلاحات سياسية واسعة النطاق. إلاّ أن الخطة تبقى طموحا يتطلع إليه اليمنيون فى أفضل الأحوال. أمام البلاد حتى يناير 2015 حتى تكمل صياغة الدستور وإجراء استفتاء للموافقة عليه، قبل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية فى وقت لاحق من العام. ثمة عقبات عديدة، بما فى ذلك وجود حكومة ضعيفة ومنقسمة؛ وأوضاع اقتصادية مزرية؛ وتدهور أمنى. إن العنف واسع النطاق سيعرّض العملية الانتقالية للخطر وذلك بتقويض سلطة الدولة الضعيفة أصلا والوفاق السياسى الذى لا يزال فى مرحلة جنينية. الوضع الراهن يفعل فعله فى هذا الاتجاه، رغم أنه يفعل ذلك ببطء.
•••
يزعم الحوثيون أن توسّعهم ذو دافع محلّى. يقولون إن اليمنيين يرحبون بهم بسبب إحباطهم من قوات النظام القديم. فى أبريل 2014، أطلق الرئيس هادى محادثات مع الزعيم الحوثى عبد الملك الحوثى حول وضع حد للقتال الأخير وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطنى. إلاّ أن هادى ومبعوثه الخاص للأمم المتحدة جمال بن عمر ينبغى أن يذهبا أبعد من ذلك ويحوّلا مخرجات مؤتمر الحوار الوطنى إلى اتفاقية سلام قابلة للتنفيذ. ينبغى أن تشمل المحادثات، بشكل غير رسمى على الأقل، لاعبين إضافيين: ممثلين رفيعى المستوى للمؤتمر الشعبى العام (حزب الرئيس السابق صالح)، والإصلاح، وآل الأحمر وعلى محسن والسلفيين. لابد لأى خطة سلام واقعية أن تستجيب للمخاوف الأساسية للأطراف المتحاربة وأن تضمنها من خلال آليات تنفيذ. إن التفاوض على التفاصيل وخطوات التنفيذ المتتابعة ليست بالأمر اليسير على الإطلاق. لم تتمكن الأطراف من فعل ذلك خلال مؤتمر الحوار الوطنى، الذى نجح بشكل أساسى لأنه أجّل القرارات الصعبة. لم يعد اليمن يمتلك مثل هذا الترف. ما هو على المحك الآن ليس الانزلاق إلى العنف وحسب، بل المرحلة الانتقالية الهشة فى البلاد.
•••
نص توصيات مجموعة الأزمات الدولية وفيما يلى للتوصل إلى اتفاقية وقف إطلاق نار شاملة وتخفيف حدة التوتر:
إلى الرئيس عبدربه منصور هادى:
1ــ الشروع فى محادثات بين الأطراف المعنيين بما فى ذلك ممثلون رفيعو المستوى عن الحوثيين، والمؤتمر الشعبى العام، والإصلاح، وآل الأحمر، وعلى محسن والسلفيون للتوصل إلى وقف إطلاق نار شامل فى الشمال، مع الاهتمام بمحافظة عمران.
إلى الأطراف المتحاربة (الحوثيين والقبائل المرتبطة بهم، بما فى ذلك أعضاء المؤتمر الشعبى العام؛ وآل الأحمر؛ والمقاتلون المرتبطون بالفريق على محسن والإصلاح).
2 ــ الالتزام باتفاقيات وقف إطلاق النار القائمة والامتناع عن فتح جبهات جديدة.
3 ــ المشاركة فى المفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق نار شامل فى الشمال.
4 ــ الإعلان الصريح عن إبقاء مدينة صنعاء خارج المعارك واتخاذ خطوات فورية لسحب المقاتلين من العاصمة.
5 ــ وقف الحملات الإعلامية وخطب المساجد التى تصف الخصوم بعبارات مذهبية أو كبيادق فى أيدى اللاعبين الأجانب.
6 ــ الاعتراف علنا بحق جميع الفئات بنشر أفكارها الدينية بحرية والانخراط فى الأنشطة السياسية السلمية فى سائر أنحاء البلاد.
من أجل التوصل إلى اتفاق سلام قابل للتنفيذ.
إلى الرئيس هادى والمبعوث الخاص للأمم المتحدة جمال بن عمر:
7 ــ متابعة المحادثات مع عبدالملك الحوثى لوضع خطة سلام مفصّلة وقابلة للتنفيذ، تستند إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطنى.
8 ــ إشراك، بشكل رسمى أو غير رسمى، ممثلين عن لاعبين إضافيين فى المحادثات: المؤتمر الشعبى العام، الإصلاح، على محسن، آل الأحمر، والمجموعات السلفية.
9 ــ ضمان معالجة المفاوضات لقضية تقاسم السلطة على المستويين الوطنى والمحلى إضافة إلى خطة نزع سلاح محددة تُطبَّق على جميع اللاعبين من غير الدولة.
إلى الداعمين الدوليين للعملية الانتقالية (بما فى ذلك الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، ومجلس التعاون الخليجى والاتحاد الأوروبى):
10 ــ دعم جهود الرئيس هادى والمبعوث الدولى جمال بن عمر، بشكل منسَّق، لضمان التوصل إلى خطة سلام قابلة للتنفيذ تستند إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطنى.
إلى الحوثيين:
11ــ الاستمرار فى المشاركة فى المحادثات، برعاية الرئيس، من أجل:
أ ــ وضع خطة لنزع السلاح تُطبَّق على جميع اللاعبين غير الدولة، تبدأ بالأسلحة الثقيلة وتتضمن آليات مراقبة مقابل أن تتخذ الدولة خطوات لتحسين حيادية وشمولية مؤسساتها، خصوصا الأجهزة الأمنية على المستويين المحلى والوطنى؛
ب. تشكيل حزب سياسى يشارك فى الانتخابات المزمع إجراؤها عام 2015؛
ج. التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة على المستويين المحلى والوطنى يسهّل مشاركة الحوثيين فى حكومة الوفاق وضمان دعم الجماعة للحكومة الوطنية وضمان دعم الجماعة الواضح والصريح للحكومة الوطنية والمرحلة الانتقالية.
إلى آل الأحمر، وعلى محسن، والإصلاح والمؤتمر الشعبى العام:
12ــ المشاركة فى المحادثات، سواء بشكل رسمى أو غير رسمى، كما يطلب الرئيس، من أجل الاتفاق مع الحوثيين على الأهداف الواردة أعلاه.