رحيل ياسر - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رحيل ياسر

نشر فى : الأربعاء 17 يوليه 2024 - 7:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 17 يوليه 2024 - 7:20 م

جاء رحيل الصديق العزيز ياسر محمود سكرتير عام تحرير «الشروق» خسارة إنسانية كبيرة لكل من عرف هذا الشاب أو اقترب منه، وهو ما ظهر واضحا على هذا الجمع الغفير من الأصدقاء والزملاء والزميلات خلال المشاركة فى تشييع جنازته، ومرافقته حتى باب القبر، فى مشهد لم أعتده فى تشييع الجنازات بالقاهرة، حيث يتفرق أغلب المشيعين بعد صلاة الجنازة فلا يرافق الراحل إلا أقاربه وبعضا من أصدقائه المقربين.

ما رأيته وشعرت به من الحزن الشديد والتقدير الكبير للراحل ياسر محمود أثناء الجنازة، كان قطرة فى بحر مشاعر الحزن والشعور بالتقدير لهذا الإنسان الجميل فى مئات التعليقات ورسائل الرثاء التى كتبها كثيرون ممن عرفوا ياسر عن قرب أو حتى مر عليهم فى الحياة مرور الكرام.

رحل ياسر محمود وهو لا يملك أى سلطة غير سلطة الحب والصداقة والود النقى، لكى يجعل كل هؤلاء يعبرون عن حزنهم لوفاته وخسارتهم بفقده، فلم أجد فى كل ما قرأت من رثاء له، وما رأيته من مشاعر حزن، تتجاوز سياق المجاملة أو أداء الواجب، وإنما كانت مشاعر بالغة الصدق شديدة الوضوح.

أمام كل ما شعرت به شخصيا من حب لياسر، وحزن على فقده، وما رأيته وشعرت به لدى الكثيرين، توقفت عن تلك الخطيئة التى نرتكبها باستمرار فى حق من نحب، أو نعرف، وهى تأجيل التعبير عن هذا الحب، والاعتراف بهذا التقدير حتى يرحل من نحب فنبكيه حزنا وحبا وهو لا يرانا ونكتب فى رثائه أجمل كلمات الحب وأصدق عبارات الحزن لكنه للأسف لن يقرأها.

خاض الإنسان الرائع ياسر محمود معركة ضارية ضد المرض اللعين استمرت عاما تقريبا، فلم يفقد من بشاشته ورضاه بما هو مقدر له، وكان، حتى فى أيامه الأخيرة، لا يقول ولا يكتب إلا ما يبعث على الرضا والارتياح، وكنا جميعا نتحدث عنه بكل حب وتقدير لإنسانيته الراقية، ولمهاراته المميزة فى العمل، ولروحه الطيبة التى كانت تملأ المكان بالصخب المحبب إلى النفس.

لكن أغلبنا وكما يحدث كثيرا مع من نحب لم نبذل جهدا كافيا لكى تصل إليه هذه المشاعر وهذا التقدير بعد أن غيبه المرض عن العمل لنحو عام تقريبا. فلما أن فاضت روحه إلى بارئها سارعنا جميعا نعلن له حبنا وامتناننا لوجوده معنا وتقديرنا لبساطته ونقاء سريرته، وقد كان أحوج إلى تعبيرنا عن حبنا له فى حياته أكثر بكثير من حاجته إليه بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى.

ورغم أن الأعمار مقدرة ومكتوبة وهى بيد الله أولا وآخرا، لكننى أصبحت أرى أننا لو كنا قد غمرنا العزيز الراحل ياسر بكل رسائل الحب الصادق والود الحقيقى والتقدير التى عبرت عنها رسائلنا عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ومشاعرنا التى ظهرت على الجميع فى جنازته لربما استمد منها طاقة كانت قد أعانته فى مواجهة المرض اللعين.

لست الأول وربما لن أكون الأخير الذى يقول إن علينا أن نجيد إعلان حبنا لمن نحب وتقديرنا لمن نقدر وهو معنا أكثر مما نجيد الرثاء والتعبير عن الحب بعد الرحيل، فالإنسان يحتاج إلى مشاعر الحب والتقدير ممن حوله فى حياته أكثر كثيرا من حاجتهم لرثائهم له بعد رحيله. فلنقل لمن نحب إننا نحبه قبل أن نقولها له رثاء ووداعا.

التعليقات