أعترف أن ذكائى قد خاننى بجدارة فيما يتعلق بما حدث هذا الأسبوع من معالى وزير الصحة الجديد والعميد السابق لكلية طب عين شمس. حينما حكت صحفية شابة من «الشروق» عن استقباله المتجهم لهم حينما التفوا حوله يستوضحونه معالم سياسته الجديدة: رد بكلمات مقتضبة مفادها أنهم سيحصلون على بيانات متتابعة من مكتبه كل فى حينه ثم صرفهم. انتابتنى سعادة لم أفصح عنها فى حينه خشية أن أمس مشاعر الصحفية المجتهدة الساعية وراء الأخبار. ها هو أخيرا وزير لا يعتمد فى عمله سياسة إعلان الإعلام. وزير يجافى الممارسات التى سبقه إليها العديدون فأصبحت مثار سخرية الناس ونوادر طريفة على شبكات التواصل الاجتماعى.
لم أتخيل للحظة أن ذكائى يخوننى خاصة أن معالى وزير الصحة قد اضطر المتحدث الإعلامى باسم الوزارة إلى الاستقالة من منصبه بعد أيام قليلة من توليه منصبه مشيعا بمظاهر عدم الرضا عن أدائه.
كانت بداية طيبة تشير إلى أن معالى الوزير ينتهج سياسة يعلو فيها قدر العمل بلا إعلان عن الأمر الذى نحتاجه بالفعل فى تلك المرحلة الحرجة من الزمن.
لكن الواقع جاء مخالفا تماما لتوقعاتى ومعى كثيرون.. نشرت شبكات التواصل الاجتماعى دعوة مفتوحة من مكتب الوزير إلى كل صحفيى مصر وإعلامييها وربما عائلاتهم لمرافقة الوزير فى جولة فى مدينة الاسكندرية فى زيارة «مفاجئة» لمستشفياتها!
ضمت الدعوة موعدة محددا ـ السابعة صباحا ـ ومكانا محددا يتحرك منه الأتوبيس المتجه للاسكندرية برفقة الوزير ومرافقيه من موظفى وزارة الصحة وكان بالفعل أن وصل سيادته بسلامة الله ليفاجئ الجميع بوجوده فى مستشفيات اسكندرية خاصة المحافظ الذى هرول على عجل ليلقاه بادى القلق منزعجا لهول المفاجأة.
ولأن سلاح الإعلام ذو حدين فقد شحذ الحد الآخر بسرعة ليبدأ أخبار الزيارة المفاجئة بالإعلان عن الدعوة إليها فى كل وسائل الإعلام المسموعة والمرئية وإن لم يغفل تفاصيل الزيارة وكل تعليقات معالى الوزير التى بدت فى محلها تماما!!
غابت أخبار مشروع التأمين الصحى وكادر الأطباء ونقص الأدوية ودعم المستشفيات ومحنة فيروس «سى» الوبائى وغيرها واحتلت صور معالى الوزير فى زيارته المفاجئة كل وسائل الإعلام التى يعمل بها ركاب الأتوبيس!!
هل يحتاج الأمر منى إلى تعليق؟
لا أظن سيداتى وسادتى.