الأسوأ لم يأت بعد! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:40 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأسوأ لم يأت بعد!

نشر فى : الأربعاء 17 أكتوبر 2018 - 11:10 م | آخر تحديث : الأربعاء 17 أكتوبر 2018 - 11:10 م

«الشىء المؤكد أن المنطقة العربية مقبلة على أيام أسوأ بكثير مما تعيشه الآن».
لست أنا صاحب هذه العبارة المتشائمة، ولكنى سمعتها من سفير دولة أوربية كبيرة، بحضور سفير عربى بارز مساء الجمعة الماضية، فى منزل السفير الإسبانى بالقاهرة خلال الاحتفال باليوم الوطنى لبلاده.
فى هذه الليلة قابلت العديد من الدبلوماسيين العرب والأجانب. الموضوع الرئيسى الذى كان يشغل الجميع هو التداعيات المتسارعة لقضية اختفاء الكاتب الصحفى السعودى جمال خاشقجى بعد دخوله قنصلية بلاده فى مدينة إسطنبول التركية قبل نحو أسبوعين.
فى تقدير سفير لدولة أوروبية متوسطية، فإن تداعيات الحادث ستكون أكبر مما يظن الكثيرون، لا أحد يجزم بحقيقة ما حدث، لكن الجميع يقول إن التسريبات المتسارعة إلى الصحف الأمريكية والبريطانية والتركية تكاد تكون حسمت الأمر، ولم يبق الا إعلان التفاصيل.
سفير أوروبى آخر قال إن بعض أوراق المنطقة، سوف تتبعثر مرة أخرى بعد أن ظن الجميع أنها فى طريقها للترتيب.
ومن قضية خاشقجى إلى أوضاع المنطقة عموما سمعت من أحد الدبلوماسيين قوله إن: «المنطقة لا تدفع ثمن التدخل الأجنبى فقط، بل تدفع ثمن اختفاء القادة السياسيين المخضرمين، وكذلك الدبلوماسيون العظام، هؤلاء كانت إحدى أهم مهامهم ــ التى لا نراها أو نشعر بها ــ هى إطفاء الحرائق قبل أن تشتعل، وإذا اشتعلت فهناك سرعة فى احتوائها قبل أن تمتد ألسنة لهبها إلى مناطق أخرى».
الدبلوماسى لفت نظر الواقفين وهم خليط من دبلوماسيين ينتمون إلى أكثر من دولة بقوله: «القيادات التاريخية اختفت بحكم عوامل الزمن سواء بالوفاة أو الشيخوخة وأمراضها، وصعد جيل جديد لا يتمتع بالخبرة الكافية والفهم الكامل لحقائق التاريخ والجغرافيا وقواعد السياسة وأهمية وضرورة احترام الرأى العام.
من سوء حظ المنطقة أن صعود الجيل الجديد من غالبية الحكام تزامن مع صعود دونالد ترامب إلى حكم الولايات المتحدة. هذا الاحتكاك أنتج جزءا من هذه الحالة الغريبة التى نعيشها، ونتنفسها ليس فقط فى ميادين ودهاليز السياسة، بل امتدت إلى الرياضة والإعلام.
دبلوماسى عربى آخر قال حتى لو كان هذا التحليل سليما، فعلينا ألا ننسى الدور الخارجى الذى تسبب فى انفجار المنطقة من الأساس، واللعب على وتر الانقسامات العرقية والطائفية والمذهبية والمناطقية. هذا الدبلوماسى لا يستبعد وجود دور إسرائيلى مدعوم من قوى غربية لإدامة هذه الانقسامات التى تصب فى النهاية فى مصلحة إسرائيل.
دبلوماسى عربى من دولة مغاربية يعتقد أن الولايات المتحدة هى الفائز الأكبر من كل المصائب التى تحدث فى المنطقة فى الفترة الأخيرة. ربما لا تكون مسئولة عن نشأة هذه المشكلات، لكنها تستفيد من استمرارها. هو يقول إنه من الظلم أن نتهم أمريكا بأنها السبب الأساسى فى مشكلتنا، بل السبب هو الاستبداد والفساد والتخلف والانقسامات العربية، ولا يمكن أن نلوم أمريكا ــ من وجهة نظره ــ إذا استفادت من ذلك.
فى تقديره أن أخطر ما يهدد المنطقة والعالم بأسره هو عقلية الرئيس الأمريكى، وبعض أركان حكمه الذين يختزلون المنطقة بأكملها فى أنها مجرد آبار للنفط والغاز، يفترض أن تتحول إلى أرصدة دولارية فى الخزائن الأمريكية.. فى تقديره أيضا فإن اللهجة المتغطرسة التى يتحدث بها ترامب قد تتحول إلى إجراءات خشنة وفجة على الأرض، خصوصا بعد قضية خاشقجى.
ترامب يريد أن يستمر فى «حلب» واستنزاف المنطقة العربية حتى آخر دولار.. والسؤال: هل نلوم ترامب أم نلوم من أوصلونا إلى هذه المرحلة البائسة؟!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي