هل معنى أنك تدافع عن علاء عبدالفتاح أنك تقطع ببراءته من كل الاتهامات التى جرى توجيهها إليه مع المختلفين؟ هكذا سألنى أحد علاء، مضيفا على سؤاله المباشر مزيدا من الحواشى حول مواقف علاء «التحريضية والتحررية» وغيرها من الاتهامات التى لا تتوقف فقط عند المساس بالعقيدة.
والحقيقة أن كل ذلك لا يعنينى فى شىء، فلست جهة تحقيق لديها القدرة على فحص الأدلة ومناقشة الشهود وإصدار الأحكام، لكن ما يعنينى هو مبدأ المحاكمات العسكرية للمدنيين الذى يناهضه كل المتضامنين الآن مع علاء حتى قبل اتهامه وحبسه.
من حقك أن تتهمنى أو أن تتهم علاء أو أى شخص بما تشاء من اتهامات، لكن من حقى أن أمثل أمام محقق طبيعى، وقاض طبيعى متمتعا بكل ضمانات القضاء الطبيعى، هل فى ذلك كثير؟ هل تعتقدون أن المحاكم المدنية غير مؤهلة لنظر قضايا اعتداء على الشرطة العسكرية أو حتى سرقة أسلحة رسمية؟ هل يظن أحدكم أن أعتى المتهمين وأصعب الاتهامات لا يقدر قاض أو محقق طبيعى على نظرها؟
تلك هى المسألة إذن.. لا ندافع عن علاء عبدالفتاح لأننا نعتقد أنه برىء بالضرورة، لكن لأنه يخضع لمحقق استثنائى، ليس من حقه حقوقيا أن يستجوبه أو يستدعيه حتى لو كانت «القوانين الاستثنائية السلطوية» تمكنه من ذلك بالمخالفة لكل معايير القوانين الدولية.
تبقى المحاكم الاستثنائية هى أداة كل سلطة مستبدة للتنكيل بمعارضيها استخدمها نظام مبارك من قبل ضد نشطاء من جميع التيارات من اليسار إلى الإسلام السياسى، هى قضية مجتمع إذن وليست قضية أشخاص، وأنت الآن مطلوب منك أن تختار، إما أن تكون مع علاء والذين معه، ترفض محاكمتهم عسكريا حتى لو كان لديك شكوك فى إدانتهم، وتعتقد أن القضاء الطبيعى قادر على مواجهة وحسم أى اتهام، أو تكون مع السلطة التى تصر على القضاء الاستثنائى، حتى لو كنت تعتقد أنها حسنة النية، عن نفسى اخترت أن أكون مع علاء ليس بالضرورة قناعة ببراءته، لكنه انحياز أخلاقى لا يقبل المساومة أو التفريط.
لا تتشبث بأن قضية علاء «عسكرية» كون الجيش طرفا فيها، باعتباره «معتدى عليه» فى روايته، و«معتدى» فى رواية النشطاء، لأن ذلك وحده سبب كاف لتنحى القضاء العسكرى واستشعاره الحرج، خاصة أنه اعترف بأن التحقيقات تشمل أيضا عسكريين متهمين فى ذات القضية.
لا ولاية لقضاء عسكرى على المدنيين ولا يجب، لكن القضاء المدنى صالح لأن تشمل ولايته الجميع، والسلطة التى تتجنب القضاء الطبيعى، هى سلطة لا تثق فى عدالة قضاياها، ومتأكدة تماما من خواء اتهاماتها.
إذا ضاع حق متهم أيا كان جرمه فى العدل فسيضيع حق المجتمع من بعده.. اعدلوا هو أقرب للتقوى.