فى السادس عشر من شهر نوفمبر عام ١٩٩٦ دعت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة أعضاءها للاحتفال بيوم «التسامح» سنويا بناء على مبادرة من هيئة اليونسكو.
وفقا لذلك الإعلان الذى وافقت عليه كل الدول الأعضاء بلا استثناء كان على العالم أن يبدى التزاما بتشجيع ودعم تلك الروح التى تضفى على العالم ملامح إنسانية تميزه عن عالم الغابة الذى تحكمه القوة الغاشمة ويتسيد فيه القادر على اغتيال الحق وقتل الكائنات الأضعف.
سألت نفسى هذا الصباح إذا ما كان العالم ما زال يذكر هذا التاريخ الذى سجلته فى مفكرتى الخاصة مع بعض التواريخ الهامة والتى تعنى قيمة حقيقية فى وجدانى وتمثل اهتماما خاصا؟.
كم إنسانا على وجه الأرض تذكر هذا التاريخ وأى دولة تحملت مسئولية أن تشير إليه فى سياساتها اليوم فى ظل الأحداث الدامية التى راح ضحيتها مواطنو غزة وأطفالها وقصفت فيها مستشفياتها وحاصرتها النيران فى غياب وسائل الإنقاذ وانقطاع المياه وإمدادات الغذاء والوقود؟.
فى صباح يوم التسامح العالمى أدعو العالم لإعادة التفكير فى جدوى تلك المنظمات العالمية التى تنفق الملايين على نشاطاتها الوهمية ومؤتمراتها التى تأتى قراراتها دائما وبها ثغرة تضمن وقف التنفيذ ومنها يتمكن الباطل من هزيمة الحق بالضربة القاضية.
صباح التسامح إذن أيها العالم!
ينتابنى فضول ملح لأن أعرف كيف ستحتفل الأمم المتحدة اليوم بالتسامح وما هى الفعاليات التى سيشارك فيها الدول الأعضاء وهم يتناولون المقبلات ويتبادلون الأنخاب؟
يا ترى ماذا ستضم جداول الأعمال من مخططات ومشروعات وأفكار تدعم فكرة التسامح بين البشر وتدعو إلى تآخى الحضارات واحترام الثقافات المختلفة وتدارس كيفية التقارب بين البشر؟.
صباح التسامح إذن أيها العالم.. ليتكم يا أعضاء الجمعية العمومية تضيفون بندا لجدول أعمالكم اليوم تناشدون فيه إسرائيل التسامح مع أطفال غزة الذين تناثرت أشلاؤهم والسماح بدخول الأكفان لدفنهم بدلا من اختلاط بقاياهم بالتراب.
فى صباح يوم التسامح العالمى أدعو كل البشر ألا يتسامحوا إطلاقا مع من يطلقون الشعارات من المنظمات الدولية لتبرير وجودهم بينما يتراجعون عن اتخاذ مواقف ملزمة حينما تسود قوانين الغابة.
أدعو العالم لعدم التسامح مع المنظمات الدولية التى تدعى الدفاع عن مبادئ ملونة تعمى الأبصار ولا تصلح إلا لإقامة المهرجانات التى فيها يدور الكلام فى دوائر وهمية بلا انقطاع ولا تسفر عن عمل فاعل ينتصر للحق ويدعم البشر.
فى صباح يوم التسامح أدعو كل شعب كان له ممثل فى الجمعية العمومية التى انعقدت لتعلى من قدر التسامح وتخصص له يوما يتكرر كل سنة أن يعيد النظر فيما وافق عليه وانحاز له ويعاود سؤال المنظمة الأشهر فى العالم عن قدر التسامح الذى دافعت عنه فى مجازر غزة.
أيها العالم.. فى صباح ١٦ نوفمبر ٢٠٢٣.. عليك أن تعيد النظر فى دور المنظمات الدولية والغرض من وجودها.. أطفال غزة يطالبونك بأن تسقط يوم التسامح من بين الأيام فهو بلا شك لم يحقق الهدف منه.. ولا يستحق الاحتفال به.