إدراك قيمة الذات.. إحدى طرق الوقاية من الشعور بالفراغ العاطفى - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 18 ديسمبر 2024 12:41 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إدراك قيمة الذات.. إحدى طرق الوقاية من الشعور بالفراغ العاطفى

نشر فى : الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 - 6:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 - 6:45 م

ليس من الصعب تخيل الشعور بامتلاء عقلى مفرط، وهى حالة نفسية تتزاحم فيها الأفكار وتشتد العواطف، وتؤدى إلى الانفعال الزائد أو البكاء بشكل لا يمكن التحكم فيه، أو اتخاذ قرارات متهورة. ويقول الكاتب إن معظم الناس مروا بهذه الحالة مرة واحدة على الأقل فى حياتهم، وتحدث عادةً خلال فترات التوتر الشديد.

 


فى سياق آخر، يشير كاتب المقال إلى حالة نفسية أخرى وهى الشعور بالفراغ. هى حالة يجد الفرد نفسه فيها غير متأثر بأى شىء يحدث حوله لا الجيد ولا السئ. يمضى الشخص فى الحياة وكأنه يؤدى حركات روتينية، يشعر بأن لا معنى لأى شىء يحدث، وفى أقوال أخرى انفصال عن الواقع.
يوضح الكاتب أن الأشخاص الذين يعانون من حالة الفراغ العاطفى يواجهون مشاكل فى العمل والعلاقات، ويكونون عرضة لخطر السلوك الانتحارى، وغالبًا ما يجدون صعوبة فى الانخراط فى العلاج النفسى.
من الناحية الفنية، حاول الفنانون المصابون بحالة الفراغ بتصوير هذا الشعور باستخدام فنهم كوسيلة للخروج منها. عبرت الكاتبة الإنجليزية فيرجينيا وولف عن الشعور بالفراغ فى مقالها «عن المرض» (1926)، حيث قالت: «نطفو مع العصى فى التيار؛ مبعثرين مع الأوراق الميتة على العشب، غير مسئولين وغير مهتمين…»، وكتبت فى رسالة انتحارها لزوجها، «كل شىء ذهب منى باستثناء يقينى بأنك شخص جيد».
معلومة إضافية، يشير الكاتب إلى أمر محير فى حياة مصابى الفراغ بأنهم -أحيانا- يشعرون بفيض من المشاعر وأوقات أخرى فراغ تام، فغالبا تظل حياتهم تتنقل بين هذين النقيضين. تاريخيًا، تم تصنيف الفراغ كعرض من أعراض اضطراب الشخصية الحدية (BPD)، وهو تشخيص نفسى يتضمن مشاعر شديدة من الغضب والحزن وغيرها، وسلوكًا مندفعًا، ومخاوف من الهجر. يُعتقد عادةً أن الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية لديهم مشاعر وأفكار مفرطة، ويتصرفون باندفاع شديد.
هذا يقود إلى التساؤل، لماذا قد يشعر الشخص نفسه بالفراغ الشديد وأحيانا بفيض من المشاعر؟ الإجابة الأكثر احتمالًا تكمن فى مفهوم الهوية، أو الإحساس الداخلى الذى يملكه الشخص عن مَن يكون. يؤكد الكاتب أن إحساس الفرد بذاته يمنح حياته معنى، ويوجه سلوكه، ويعزز من قوته عند التعرض لأزمة نفسية ما. أما عندما يكون الشخص غير مدرك قيمة ذاته ــ كما هو الحال لدى من تم تشخيصهم باضطراب الشخصية الحدية (BPD) ــ فإنه يواجه تساؤلات عميقة حول ما يجب أن يفعله وما الذى ينبغى أن يكون له قيمة. يوضح الكاتب أن الأشخاص الذين لا يدركون قيمة أنفسهم تتلخص حياتهم فى محاولة معرفة من هم وفترات من الفراغ والخدر العاطفى.
حتى وقت قريب، لم يكن يُعرف الكثير عن حالة الشعور بالفراغ؛ فلم يكن يُدرس كموضوع مهم بحد ذاته. لكن ظهور الفراغ كعامل تنبؤ بالسلوك الانتحارى أكد على أهمية دراسته.
يتسائل الكاتب ــ كونه معالجا نفسيا ــ ما إذا كان الجميع يشعرون بالفراغ بنفس الطريقة إلى حد كبير. الإجابة هى كما يقول الكاتب إنه صادف فى عمله كمعالج نفسى، بعض الحالات يصفون الفراغ بأنه إحساس جسدى، كنوع من الحفرة فى المعدة أو ثقب فى الصدر، وآخرون يصفونه على نحو أكثر نفسية، كغياب المعنى أو الغرض. هل هذه تجارب مختلفة لنفس الظاهرة النفسية، أم ظواهر مختلفة تمامًا؟ يعتقد الكاتب أن هاتين طريقتين لظاهرة نفسية يصعب التعبير عنها بالكلمات- لكنها شىء نحتاج إلى استكشافه بشكل أكبر.
يقول الكاتب إن هناك عددا قليلا من الأبحاث التى تركز ــ بشكل خاص ــ على أكثر الطرق فعالية لمساعدة حالات الشعور الفراغ. من ناحية أخرى، تم تطوير العديد من العلاجات لاضطراب الشخصية الحدية، وتشير الأبحاث إلى أنها جميعها فعالة بنفس القدر، على الرغم من اختلافها فى بعض النواحى، بما فى ذلك العلاج السلوكى الجدلى (DBT)، والعلاج القائم على التأمل (MBT)، والعلاج النفسى المرتكز على التحويل (TFP).
تركز كل من هذه العلاجات على مساعدة الناس على أن يصبحوا أكثر وعيا بأفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم، وأن يتواصلوا معها بشكل أفضل. على سبيل المثال، فى العلاج السلوكى الجدلى، يركز المعالج على التحقق من صحة التجارب العاطفية التى مرت بها الحالة كوسيلة لمساعدتها على قبول هذه المشاعر واتخاذ خيارات أفضل حول كيفية الاستجابة لها. إضافة إلى تعزيز فهم المشاعر بشكل أفضل، لتصبح الحالة أكثر استعدادًا لقبول التجارب الصعبة والعمل من خلالها مثل الشعور الفراغ.
نتيجة لما سبق، يمكن للأشخاص، بمساعدة المعالج النفسى، إدارة مشاعرهم بشكل أفضل والتفكير فى مصدرها، واتخاذ قرارات مدروسة حول كيفية الاستجابة لها. ويؤكد كل نهج علاجى على أهمية القيام بذلك فى علاقة علاجية داعمة وقائمة على الثقة.
ختاما، يؤكد الكاتب أن باستمرار علماء النفس فى تعلم المزيد عن تجربة الشعور الفراغ، فمن المرجح أن تثمر هذه الجهود عن رؤى أوضح لفهم تشابك المشاعر الإنسانية والهوية والعلاقات، ومعرفة كيفية مساعدة الأشخاص الذين يعانون من الشعور بالفراغ على عيش حياة أكثر إشباعًا.

 


كريستوفر جيه هوبود
موقع «Psyche»
ترجمة وتلخيص: وفاء هانى عمر
النص الأصلى:


https://tinyurl.com/mm8fpa8t

التعليقات