المتابع لأخبار العلم يتوقف عند بعضها متأملا منها ما يبهره أو يدهشه ومنها ما ينتظره أو يتمناه، ومنها أيضا ما لا يخلو من طرافة. استوقفتنى هذا الأسبوع تجربة تأتى من إسرائيل نشرتها المجلة العلمية المعروفة «Neurolgy» يصوم اليهود عن الزاد والشراب خمس وعشرين ساعة يقضونها فى الصلاة والتعبد فى يوم كيبور أو يوم الغفران.
يبدو أنها تشكل لهم هما مقيما لما يعانون فيها من آلام الصداع الذى لا تجدى معه أى أدوية أو مسكنات. صداع يوم كيبور ظاهرة علمية أوردتها دراسات كثيرة تحيرت فى أمره، فى النهاية عزتها لغياب النيكوتين والكافيين والنوم لساعات طويلة والجفاف المصاحب للصيام، لكن الألم ظل هاجسا يعانى منه أغلبة الصائمين.
كان دواء الفايوكس «Vioxx» أحد الأدوية المفضلة التى لجأ إليه اليهود فى يوم كيبور لكنه تم سحبه من الأسواق العالمية فى سبتمبر 2004 بعد أن ثبت أن من مضاعفاته لتسبب فى جلطة قلبية حتى لمن لا يعانون من أمراض الشرايين لبعض ممن يستعملونه. خسارة شركة مار شارب الفادحة والمصنعة له جعلتها تحاول تعويضها بدواء آخر لا يختلف كثيرا عنه أسمته «Arcoxia» لكن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية رفضته عام 2007.
استخدم علماء إسرائيل الدواء فى تجربة علمية على مائتين من المتطوعين الذين انقسموا بالتساوى إلى مجموعتين الأولى تناولت الدواء مباشرة قبل الصيام والثانية تناولت قرصا لا يحتوى على أى مادة فعالة «بلاسيبو» بالطبع دون علم أى من المتطوعين إذا كان قد تناول الدواء أو قرص الهواء.
تشير النتائج التى نشرتها المجلة العلمية فى موضوعها الرئيسى تقديرا لأهمية الموضوع إلى فاعلية الدواء فى الحماية من الصداع أثناء الصيام فى يوم كيبور الطويل. ستة وثلاثون صائما فقط نالهم قسط من الصداع الخفيف مقارنة بالصائمين بدون دواء بينما نجا الباقون من آلام الصداع الأركوكسيا.
الجدير بالذكر أن مجموعة العلماء الذين ينتمون لمستشفيين بينهما برنامج للتعاون العلمى قد تقدموا للشركة العملاقة Merk sharp & Dohme بطلب منحة لدراسة تأثير العقار ذاته على المسلمين أثناء صيام شهر رمضان وقد وافقت الشركة فهل من متطوعين؟