هل محمود سعد، الذى قرأت اسمه فى قائمة ما يسمى «مجلس أمناء ثورة 25 يناير» هو ذاته محمود سعد الذى استضاف عبداللطيف المناوى رئيس قطاع أخبار العصر الساقط؟
هناك تناقض مذهل فى الحقيقة، فالثابت أن ما ارتكبه المناوى فى حق الثورة، وفى حق الإعلام، لا يقل جسامة عما فعله وزير إعلام العربة الطائشة أنس الفقى، فضلا عن أن هناك ثورة عارمة تجتاح العاملين فى التليفزيون المصرى ضد استمرار المناوى فى موقعه.
المذهل أكثر أن محمود سعد ترك الاستوديو للمناوى وحده، على الرغم من أنه كان قد اتفق مع معارضيه على الظهور معه للرد على ما يقوله، بما ولد انطباعا عن الحلقة بأنها «حفلة تلميع عبداللطيف المناوى» وهو ما يصب فى قناة استعادة الرموز القديمة، وتغليفها وإعادة طرحها فى ثوب جديد.
غير أن الإيثير جاء بما لا تشتهيه سفينة محمود سعد، ذلك أن مداخلة وزير الإعلام المخلوع أنس الفقى قلبت المائدة وأشعلت النار فى أطرافها الثلاثة، وتحولت الحلقة إلى صالة ردح وجد فيها محمود سعد نفسه فى فوهة اتهامات أنس الفقى وتهديداته بفضح خبايا وأسرار مطمورة تحت السطح.
وأظن أن الحلقة فى مجملها كانت مستفزة لمشاعر ملايين المصريين الذين أهانهم التليفزيون المصرى، وأهال التراب على ثورتهم، ومن ثم كان سعد يعلم جيدا أن الناس لا تريد رؤية هذه الوجوه مرة أخرى، فما بالنا والفرصة تتاح لهم للدفاع عن أنفسهم، والاعتذار بمنتهى العنجهية على طريقة «عفا الله عما سلف»، وكأن ما جرى كان هينا وبسيطا، رغم أنه كان جريمة مهنية وسياسية تكاد تنطق بها مياه النيل التى صوبوا كاميراتهم عليها، متجاهلين مئات الآلاف ممن يزأرون بالثورة والغضب فى ميدان التحرير.
وإجمالا فإنها لم تكن حلقة «توك شو» بل جاءت أشبه بكرة نار نشبت فى ثوب الجميع، ومن حيث أراد محمود سعد أن يحرق مرحلة سقوط مهنى فى حياة المناوى، أمسكت بالأول نار اتهامات أنس الفقى.
وعلى ذكر الحرائق، لو صح ما نشرته بوابة الوفد الإلكترونية عن إقدام وزير الخارجية على إحراق كميات هائلة من مستندات ووثائق الوزارة خلال اليومين الماضيين، فإننا نكون أمام جريمة أخرى تستجوب الجهات المعنية بأمر هذا البلد التدخل والتحقيق العاجل فيما يجرى فى بيت الدبلوماسية المصرية الخرب.
وعلى جهات مثل الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات أن تتحرك فورا وتحقق فى الأمر وتستمع لاستغاثات وصرخات المئات من الدبلوماسيين الشرفاء الذين يمطروننا يوميا بمجلدات عن وقائع فساد معلن وخفى داخل الوزارة.
ولا يكفى أن يلوح أحمد أبوالغيط فى بيان ساخر نشر على موقع الهيئة العامة للاستعلامات أمس الأول يقول فيه إن الخارجية فرع من الأمن القومى لكى يحصل لنا الرعب ونتوقف عن كشف ما يجرى بداخلها، ونكف عن التعبير عن الأسى الذى يعصف بدبلوماسيى وسفراء مصر الشرفاء حزنا على ما أصاب الدبلوماسية المصرية.