قناة مصر الأولى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قناة مصر الأولى

نشر فى : الأحد 18 فبراير 2018 - 10:25 م | آخر تحديث : الأحد 18 فبراير 2018 - 10:30 م

هل يمكن أن تنجح تجربة «القناة الأولى» فى شكلها الجديد، فى وقت يعيش الإعلام المصرى المقروء والمرئى أصعب فتراته؟!

ابتداء من السابعة من مساء أمس الأول السبت، انطلق الشكل الجديد للقناة الأولى، بالتليفزيون المصرى بمجموعة متنوعة من البرامج الجديدة والمختلفة على رأسها برنامج السهرة الرئيسى «مصر النهاردة» الذى يقدمه إعلاميان متميزان مهنيا هما خيرى رمضان ورشا نبيل، إضافة إلى تجديد برنامج «صباح الخير يا مصر».

يفترض أن «وكالة أخبار اليوم» هى التى تدعم الشكل الجديد، كما أن برامج كثيرة سوف تدار على أساس اقتصادى، ومدى قدرتها على تغطية نفقاتها إعلانيا، بل وتحقيق هامش من الربح.
هناك دعم كبير من جانب الحكومة وأجهزة الدولة لدعم التجربة الجديدة، والشخص الذى تمكن من إقناع خيرى رمضان، ورشا نبيل ببدء هذه التجربة أو المغامرة يستحق التحية والتقدير، المؤكد أن هناك نوايا حسنة كثيرة تريد إصلاح التليفزيون المصرى ماسبيرو، لكن نعلم جميعا حجم التحديات والعقبات الكثيرة التى ينبغى أن تكون ماثلة أمام أصحاب التجربة الجديدة، حتى يكونوا قادرين على التغلب عليها.

المبنى يحتاج إلى نحو ٢٥٠ مليون جنيه شهريا تقريبا كمرتبات للعاملين الذين يتراوح عددهم بين ٣٥ ــ ٤٠ ألف موظف وهناك أيضا تحدى إدارة هذا المكان الصعب، الذى يتراكم فيه تراث طويل من الروتين القاتل والترهل المميت، رغم أنه أيضا به العديد من الكوادر البشرية التى تبدع خارج المبنى، لكنها محاصرة بقيود كثيرة فى الداخل، هناك أيضا المقاومة الداخلية من «جيش كبير من الموظفين» لأى تطوير لأنه يهدد استمرار ترهله.

لكن التحدى الحقيقى الذى يواجه التليفزيون المصرى عموما والقناة الأولى وقطاع الأخبار خصوصا، هو نوعية المحتوى المفترض أن تقدمه أولا، ويكون قادرا على جذب المشاهدين ثانيا.
السؤال الجوهرى فى هذا الصدد هو: ما هو حجم مساحة الحرية المتاح أمام التجربة الجديدة؟!
خلال استعراض ملامح التجديد والتطوير ليلة السبت، كانت هناك فقرة متميزة مع مجموعة من المواطنين، تحدثت من الشارع عما تتمنى أن تراه.

المواطنون طالبوا بأن تعبر القناة والتليفزيون المصرى عموما عنهم وعن همومهم ومشاكلهم وأحوالهم، وأن تعكس الحقيقة كما هى، وليست كما يرددها المسئولون فى تصريحاتهم الوردية.
التقرير تم عرضه بأمانة، ولو أن القناة استجابت لهذه التوصيات فستصبح بالفعل «قناة مصر الأولى»، وليس فقط كما هو وارد فى الحملة الإعلانية التى غزت الشوارع منذ أسابيع.

برنامج «مصر النهاردة» القديم والذى كان الأفضل فى التليفزيون المصرى قبل ثورة ٢٠١١، نجح، بسبب هامش الحرية الذى حصل عليه، ولا تزال المعادلة أو الخلطة صالحة، بمقدار هامش الحرية الذى سيحصل عليه البرنامج الجديد، فسوف تزيد فرص النجاح له.

لست قادما من الفضاء حتى يتصور البعض، أننى أطالب بتحول التليفزيون المصرى، بين يوم وليلة ليصبح مثل الفضائيات الغربية، لكن على الأقل أن يصبح تليفزيونا لكل المصريين فعلا، طالما كانوا تحت راية ومظلة القانون والدستور والدولة المدنية.

يوقن كل المراقبين أننا نعيش تقريبا «إعلام الصوت الواحد» الآن، وبالتالى نتمنى أن تتبنى القناة الأولى سياسة التنوع، وفتح أبوابها لكل الأصوات الوطنية، طالما كانت تقدم آراء موضوعية، هذا التمنى ليس فقط حبا أفلاطونيا لحرية الصحافة والإعلام، ولكن ــ ومن وجهة نظر برجماتية فإن الكثير من المصريين انصرفوا عن مشاهدة الفضائيات عموما، والتليفزيون القومى خصوصا، بل أن بعضهم بدأ يشاهد فضائيات الإخوان التى تبث من قطر وتركيا وبريطانيا.

نحتاج فعلا إلى تليفزيون قومى، ينافس على أسس حقيقية، ويقدم برامج متميزة وجذابة، تراعى كل الأذواق، وتقدم وجبة دسمة ومتنوعة من البرامج، ونشرات أخبار رشيقة، تراعى المهنية أولا قبل أى شىء آخر، نحتاج قناة تقدم برامج مبهجة بجانب البرامج الجادة، حتى يعود التليفزيون المصرى لكل المصريين.

كل التمنيات الطيبة للتجربة الجديدة بالنجاح، والشكر لكل من يقف وراءها وأمامها.. ويظل السؤال: ماذا تريد الدولة من ماسبيرو وهل ستواصل دعم التجربة حتى النهاية؟!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي