- حسبنما بدأنا الإعداد بصفحة صحة وتغذية مع صدور أول أعداد جريدة الشروق فى فبراير ٢٠٠٩، اجتزنا أوقات بالفعل عصيبة، كانت الأفكار كثيرة مختلفة والشكل متباين الأوصاف، أيهم نختار؟ أيهم سينال رضا القارئ ويدفعه للتواصل المستمر معها؟ الاختيار الذى لم تطله الحيرة كان عنوان عمود المحرر الذى لم أتردد فى اختياره، إنما فرض نفسه واستقر فى مكانه «صباح الصحة والسعادة»، فقد كان مرادفه فى وجدانى أن الصحة والسعادة إنما هما وجهان لعملة واحدة فى حياة الإنسان.
أحد الأبحاث العلمية الفريدة أعاد لنفسى ذكريات تلك الأيام حينما طالعت ما نشرته وكالة CNN من نتائج لدراسة قامت بها لورا كابزانسكى أستاذ العلوم الاجتماعية والسلوكية بجامعة هارفارد Laura Kubzansky.
تشير الدراسة التى تشمل العمل فيها تقييم لعدد كبير من الدراسات التى أجريت فى مراكز مختلفة فى العالم إلى أن السعادة أمر مطلوب للصحة. قد نختلف فى رؤيتنا للسعادة إذا ما نظرنا إليها من زوايا مختلفة فهى: راحة البال وتوازن النفس، وهى الإحساس بالأمان النفسى والمادى وربما هى المال أو النجاح فى العمل وتحقيق الطموح، ولكن مهما اختلف تعريف السعادة لدى الإنسان فإنها فى النهاية أمر نسبى ولا يخضع !! لإرادة الإنسان.
هناك بلا شك دور تلعبه الموروثات الجينية والبيئية المحيطة بالإنسان وهو دور مع الأسف مهم ومؤثر، ليس من الطبيعى أن تقنع نفسك بأهمية السعادة فتنهض لتفتح ذراعيك للدنيا منتشيا!.
تظل عالقة بالأذهان مقولة أن المال لا يشترى السعادة أو أنه لا يجلب الصحة، الواقع إنه إذا كان للصدق مكان من تلك المقولة فللوهم مكان مساو تماما فيها. المال أمان للإنسان ولكن إلى حد فالسعادة بالمال تقف عند حد الاكتفاء عند الأسوياء لا تتجاوزه. أما الصحة فالرعاية الصحية الجيدة بلا شك ترد على الإنسان عافيته لكنها بلاشك لا ترد عنه قدر محتوم له ساعة وميعاد.
هل طول الأجل يجلب السعادة؟ تشير الدراسة إلى أنه مع التقدم فى السن يتعمق الشعور بالسعادة، فالكبار ينفعلون بصورة أقل من الشباب ويقدرون ولا يعرضون أنفسهم لتجارب قد تترك ندوب فى ذاكرتهم! لكنهم أيضا يعرفون أنه موغلون فى سكة النهاية!.
إذا كانت السعادة مفتاح الصحة، وهى فى الوقت ذاته أمر لا يملك الإنسان شأنه كاملا فما العمل؟ كيف يواجه تدخل موروثاته الجينية وما يحيط به من بيئة محيطة؟ كيف يدافع عن سعادته!.
تخلص الدراسة إلى أن المثابرة مطلوبة فليس من الواجب أن يستسلم الإنسان فى مواجهة ما يسلبه سعادته. تقترح الدراسة أن يلجأ الإنسان إلى البحث عن سعادته فى اللحظة الراهنة التى يعيشها بالتركيز عليها والتركيز فيها فيما يعرف بالرياضات الذهنية المعروفة فى البوذية كالتأمل Meditation.
تلك نصيحة تأتى من الغرب للعودة إلى ثقافة الشرق بحثا عن السعادة أظنها صادقة.