** عندما تقع ألف معجزة فى تاريخ كرة القدم، فهل تكون كل مباراة يعود فيها فريق من الهزيمة إلى الفوز معجزة؟
المعجزة أمر خارق. واستخدمت الكلمة فى موضع فوز ريال مدريد على فولفسبورج الألمانى وهزيمة برشلونة أمام عصابة سيميونى. وكان استخدامى لكلمة مبالغة مثل «مبالغات الكاريكاتير ». إلا أن كرة القدم شهدت على مدى تاريخها نتائج غير معقولة، وتبدو مستحيلة وتلك متعة اللعبة وجوهرها وسرها أن كل نتيجة مشكوك فيها قبل أن تبدأ المنازلات.
** بعد مرور 62 عاما مازال السؤال مطروحا حول ما عرف فى تاريخ اللعبة باسم معجزة برن: كيف خسرت المجر بطولة كأس العالم 1954 وكيف انهزمت أمام ألمانيا 2/3؟.
هل حقا أن قرار بوشكاش بالاشتراك فى المباراة النهائية وهو مصاب كان وراء منح الكأس لألمانيا.. أم أن الحظ تخلى عن المجريين وارتمى فى أحضان الألمان عندما تصدى القائم لقذيفتين من بوشكاش؟؟.
هل كان التحكيم متحيزا ضد المجريين ومتعاطفا مع الألمان الغربيين.. هل تعاطى لاعبو ألمانيا عقاقير منشطة فى هذه المباراة؟؟.
** كل تلك التساؤلات أسباب محتملة، لكن من المؤكد أنه كان أحد أيام الكرة المستديرة. لقد كان فوز ألمانيا مفاجأة غير محسوبة، ففى 8 دقائق سجل المجريون هدفين، انه اسلوب الحرب، حيث افتتح التهديف بوشكاش وبعده تسيبور، وتعادل الألمان فى 8 دقائق أيضا وأحرز الهدفين مورلوك فى الدقيقة العاشرة، وران فى الدقيقة الثامنة عشرة، ثم أضاف أغلى أهداف التاريخ قبل النهاية بـ 5 دقائق لتفوز ألمانيا الغربية بكأس جول ريميه لأول مرة ولتفقدها المجر للأبد، بعد أن كانت أقرب دولة للفوز، وللانتصار فى خيال النقاد فمنذ تلك المباراة لم يقترب منتخب المجر من الكأس.
** معجزة أنفيلد، واحدة من معجزات كرة القدم. فقد تأخر ليفربول أمام بروسيا دورتموند ثم فاز. ويعرف عن مدربه يورجين كلوب أنه قدم اسلوبا جديدا يتعلق بالدفاع والهجوم، وهو الذى أبدع ما يسمى بالضغط المضاد العالى أو Gegenpressing.
** فى هذا الأسلوب يدافع الفريق ويهاجم. ويتعرض اللاعب المنافس الذى يمتلك الكرة إلى ضغط شديد، لحرمانه من التصرف فيها. وهذا الأسلوب الخلاق يحتاج إلى لياقة بدنية هائلة، وإلى لاعبين يلعبون 90 دقيقة بلا تعب. وتكون عندهم القدرة على استخلاص الكرة فى مناطق الخصم الدفاعية، وشن غارات هجومية شديدة السرعة لصناعة المساحات والفرص.
** والجرى عقيدة تدريبية عند يورجين كلوب.. ومن أجل أن يكون الملعب أصغر بالنسبة لليفربول فإنه يستعين بلاعبين مدافعين يملكون السرعة كى يتحرك الفريق كتلة واحدة هجوما ثم دفاعا. والقضية ليست طريقة فامتلاك 11 لاعبا يؤدون خطأ بطريقة واحدة أفضل من 11 لاعبا يؤدى كل منهم ما يحب أن يفعله.. وتلك ترجمتها (بلغة كرة القدم) هى الفردية والعشوائية.. واذا امتلكت الكرة عليك أن تبدع وتبتكر بها وإذا فقدت الكرة عليك شن الهجوم المضاد والضغط بشراسة كى تستردها.
** تقع معجزات يوميا فى محيط الكرة الأرضية حيث تقام مباريات كرة القدم.. ولم يعد كافيا توصيف النتيجة بأنها معجزة ولكن يبقى السؤال المهم: كيف وقعت المعجزة.. فلا يكفى أن تكون ناقدا وخبيرا وتشاهد فيلما سينمائيا رائعا وتخرج وتصفه بأنه رائع.. أنت فى تلك الحالة كنت متفرجا وليس ناقدا!