من الإسكندرية اتصل بى «محمد» الموظف بمديرية الصحة ليسألنى عن ألغاز الحد الأدنى للأجور، وخاب أمل محمد فى الاطمئنان على وضعه المالى عندما قلت له إن احدا باستثناء وزير المالية لا يعرف معلومات دقيقة عن كيفية التطبيق حتى الآن ومع ذلك واصل محمد تساؤلاته، هل الـ 700 جنيه ستكون الأجر الأساسى أم أنها ستشمل كافة بنود الأجر الشامل من حوافز ومكافآت وغيرها؟ وقبل أن أجيب أردف «أصل لو دخل فيه الحوافز أو البدلات أو مكافآت الأعياد هتبقى الحكاية مش فارقة كثير!! وتقول «غادة» مدرسة «أنا على الدرجة الثالثة وبعد 10سنين خدمة وصل مرتبى 630 جنيه إزاى عامل بالحكومة على الدرجة السادسة مرتبه يبقى أكبر من مرتبى أو حتى زيه؟
أما «منى» الاخصائية الاجتماعية فرغم سعادتها بالزيادة المحتملة فى دخلها هى وزوجها الموظف بوزارة القوى العاملة إلا أن حالة التفاؤل بالمستقبل التى عاشتها بعد الثورة انقلبت إلى حالة من التشاؤم العميق بعد أن أيقنت أن الزيادة التى كانت تراهن عليها لتحسين مستوى معيشة أسرتها التى تعيش على حد الكفاف سوف تلتهمها الزيادة الجديدة فى الإيجار بعد أن رفض صاحب العمارة تجديد عقد الشقة المتواضعة التى كانت تستأجرها منذ 5 سنوات بـ250 جنيها، ورغم أن منى تقطن فى «الخصوص» وهى منطقة شعبية وفقيرة على أطراف القاهرة الكبرى إلا أنها عندما بحثت عن شقة صغيرة بديلة وجدت أن أقل إيجار 450 جنيها وهو ما يمثل نحو 60% من الحد الأدنى الحكومى للأجور.
حكايات الحد الأدنى للأجور اندلعت فى البيوت والمكاتب وعلى « الفيس بوك» وكلها يعكس عدم فهم مطبق على الرغم من أن التطبيق الشهر القادم وفقا للحكومة.
ولا ندرى لماذا لم تقم وزارة المالية حتى الآن باعلان تفاصيل الحد الأدنى للأجور ومن يستفيد منه ومن لا يستفيد وما إذا كانت هناك حزمة سياسات مكملة ومساندة للحد الأدنى، خاصة أنه لم يلبِ مطالب الناس أو طموحاتهم بعد الثورة، كما أن المالية لم تعلن كيفية التعامل مع مشكلات عدم عدالة التطبيق الناتجة عن عدم زيادة أجور من تتجاوز مرتباتهم الـ 700 جنيه ــ وفقا لتصريحات رسمية ــ لقد تركت الوزارة المجال واسعا للشائعات والتكهنات والتصريحات المتضاربة.
الحكومة بدورها لم تعلن بوضوح عن خطط لضبط الأسواق حتى لا تلتهم أسعار السلع والخدمات الزيادة المرتقبة فى الأجور وإذا لم تقم الدولة بدور صارم فى مواجهة أى زيادات غير مبررة فى هذا المجال فسوف تذهب الـ 7.5 مليار جنيه الخاصة بتكلفة زيادة الأجور ــ إلى جيوب التجار والمستوردين وأصحاب العمارات!.