يظل «القومى» مرادفا لاسم معهد القلب المؤسسة الخدمية العلمية التى شرفت دائما بالعمل فيها والانتساب إليها. هو بلا شك حائط الصد الذى يلجأ إليه كل المصريين من مرضى القلب غير القادرين على مواجهة شراسة المرض ونفقات علاجه. تمنيت دائما أن ينتقل هذا الشعور إلى الأجيال التى تلى جيلى بعد أن اكتسبته أنا من جيل سبقنى وعاصر افتتاح هذا الصرح منذ خمسين عاما تكتمل هذا العام. خسمون عاما لم يتوقف العمل فى معهد القلب يوما رغم اختلاف الظروف والأحداث وتعاقب المحن واختبارات الزمن، ظلت أبواب المعهد مفتوحة لاستقبال المرضى من أسوان والإسكندرية والدقهلية والواحات وجميع المحافظات على خريطة وادى النيل ليل نهار بلا انقطاع فى كل الأقسام. حتى حينما أضرب الأطباء لم يكن أطباء معهد القلب فى حاجة لعقد اجتماع لاتخاذ قرار، كان القرار فى ضمير كل منهم دون الحاجة للرجوع إلى إدارة واستمروا فى أداء مهامهم على الوجه الأكمل.
لا أشك عزيزى القارئ فى أن رسالتى اليوم قد وصلتك كاملة غير منقوصة، أحاول اليوم بكل ما تأصل فى وجدانى من إيمانه برسالة هذا المكان أن ألفت النظر والانتباه لمؤسسة من مؤسسات الدولة الخدمية التى تقدم خدمة حقيقية تمس حياة الإنسان المصرى غير القادر.. ولا أبالغ إذا قلت أغلبية الشعب المصرى. دعم مؤسسات وهيئات وأفراد المجتمع المدنى فيما نعيشه من أيام لمؤسسة معهد القلب القومى وغيرها من مؤسسات الدولة الخدمية فرض عين بعد أن تعدينا حدود فرض الكفاية، هو فرض من فروض الوطنية ودعم لحدود آمنة للوطن.
اليوم لا يملك معهد القلب القومى الذى يستقبل يوميا فى المتوسط ألف مريض فى العيادات الخارجية والطوارئ والاستقبال وأقسام الجراحة والباطنة والأشعة والمعامل ومختلف أنواع التشخيص ما بين مريض داخلى ومتردد ــ ميزانية خاصة يعلن فيها عن نشاطاته.
لا مكان لنا على خريطة الإعلانات الملونة المبهجة البراقة التى تجذب التبرعات بسحر المغناطيس ولا حتى على تلك التى يغلب فيها الأسود على الأبيض تنغرس فى عقلك شظايا مؤلمة وهی تستعرض بؤس اليتم وقهر المريض وتستجديك الصدقات تحت التهديد والوعيد.
لا يملك مركز خدمى محترم كمعهد القلب إلا وسائل هادفة جادة تعلن عن حقيقة ما يقدم من خدمات للإنسان المصرى غير القادر يعتمد فيها على مصداقيته ولا يسعى لتبرعات ينفق منها على إعلانات.
لذا كان لزاما علينا أن نشكر بكل الصدق والعرفان إدارة جريدة الشروق المحترمة التى سمحت لنا بإعلان مجانى يومى فى الصفحة الأولى والأخيرة كان لنا أن ندفع فيه الآلاف فى أى وسيلة إعلام أخرى.
أما الوسائل الأخرى التى تلجأ إليها إدارة المعهد فتعتمد فيها على المريض ذاته الذى يلجأ إلى المعهد مسلما أمره لله وتلك الفرق من الأطباء والممرضات والعاملين والفنيين الذين يرافقونه فى رحلة السلامة بإخلاص واجب.
صباح الاثنين يفتح معهد القلب القومى أبوابه لاستقبال بعض من أكرم شخصيات المجتمع المدنى وأكثرهم وطنية الذين ساهموا فى دعم مشروع المعهد لتوفير الدعامات الدوائية لغير القادرين.
منهم من تقدم مشكورا بتقديم نصف مليون جنيه ومنهم الجمعية الخيرية النسائية التى تقوم على أعمالها مجموعة من فضليات سيدات مصر ولآلئها الحرة ومنهم الطبيبة التى تقيم فى دبى بينما قلبها مازال ينبض فى وطنها الأم.
الدعوة مفتوحة للاحتفاء بأمثلة بديعة من أفراد المجتمع المدنى الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه. وسعوا لدعم جهود معهد القلب القومى إيمانا منهم بأنهم إنما يدعمون حق أخوة لهم فى الوطن فى العلاج والصحة.