أرجو من مؤسسة الرئاسة والحكومة ومجلس النواب وسائر الأجهزة المختصة أن تستمع وتقرأ بهدوء للآراء المعارضة لتعديل الدستور الحالى.
أحترم رؤية المؤيدين للتعديلات، وبعضها منطقية، لكن علينا أن ننظر للآراء المعارضة نظرة موضوعية هادئة ونفهمها، فربما يكون ذلك سببا فى منع مشكلة أكبر قد نتفاجأ بها إذا تم تمرير التعديلات المطلوبة، خصوصا زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية على حساب صلاحيات الحكومة والبرلمان.
قرأت آراء كثيرة لمؤيدى التعديل ومعارضيه فى عدة صحف خصوصا الشروق والمصرى اليوم، إضافة إلى ملف متميز فى جريدة الوطن يوم الثلاثاء الماضى بعنوان «دستور النوايا الحسنة».
بعض الآراء هنا وهناك موضوعية، وتستحق المناقشة والأخذ والرد، وهناك آراء أخرى تسىء إلى الرئيس والحكومة أكثر كثيرا مما تفيدهم، ولا أعرف لماذا لا تقول لهم الحكومة: «نرجوكم توقفوا عن الدفاع عنا»؟!!!
رأيى المبدئى أننا لا نحتاج فى الوقت الراهن إلى تعديل فى الدستور، وصرت أكثر ميلا واقتناعا بالرأى الذى طرحه السيد عمرو موسى فى بيانه قبل أسبوع، وما صرح به لصحيفة الوطن يوم الثلاثاء الماضى، لأنه يمثل خلاصة وجهة النظر المتحفظة على تعديل الدستور الآن.
من المنطقى أن يدافع عمرو موسى عن الدستور لأنه كان رئيس لجنة الخمسين التى وضعت هذا الدستور. لكن وللموضوعية، فلم أرَ فى كلام عمرو موسى إلا حديثا منطقيا متجردا، وبالتالى أتمنى أن نناقش ما يقوله من آراء وأفكار وليس ما يظنه البعض من نوايا.
يقول موسى إنه لا يرفض إجراء تعديلات دستورية من حيث المبدأ، والمطالبة بالتعديل حق لكل مصرى وأحيانا تكون ضرورية. لكن يجب اختيار التوقيت المناسب والحاجة الملحة إلى ذلك، والحكمة تقتضى مقاربة سليمة سياسيا وتوقيتا مدروسا وملائما، من منطلق مصلحة مصر والمصريين.
كلام عمرو موسى مصاغ بلغة منضبطة وقوية فهو يقول مثلا: مصر فى حاجة إلى وحدة أبنائها وتعميق الاستقرار وليس إشاعة التوتر، ونحتاج إلى تأكيد احترام الدستور وتفعيله وليس إلى التشكيك فيه. يضيف موسى: كانت هناك تباينات واختلافات فى لجنة الخمسين وتم حسمها بالتصويت. وبعض التعديلات المعروضة الآن قد تكون مطلوبة فى وقت آخر، وبعد أن يحصل الدستور على فرصته فى التطبيق والتجريب كاملا، مثل إنشاء غرفة ثانية للبرلمان تكون بمثابة مجلس للشيوخ.
عمرو موسى قال إنه يجدد ثقته فى أعضاء مجلس النواب الذين سيرتفعون إلى مستوى المسئولية، وبدلا من أن يعدلوا الدستور بعد أقل من ٣ سنوات من إقراره، سيحاولون ويدعمون ويساندون تفعيل كل نصوصه، خصوصا تلك المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
إذا العديد من الشخصيات العامة المحترمة لا تعارض فكرة تعديل الدستور من حيث المبدأ، هم فقط يعترضون على التوقيت.
قرأت أكثر من تصريح وحوار مثلا للدكتور محمد غنيم عضو لجنة الخمسين يقول فيها إن «الدستور ما يزال على الرف، ولم يأخذ حقه فى التطبيق، والعجلة فى تعديله غير مبررة».
الدكتور غنيم سأل سؤالا محددا للمؤيدين للتعديل: ما هى المواد التى أزعجتكم إلى هذا القدر واكتشفتم فجأة أنها تحتاج إلى تعديل؟!. يضيف الدكتور غنيم أنه لا توجد غلطة واحدة حتى الآن بسبب نص دستورى.
فى نفس ملف جريدة الوطن قرأت للنائب مصطفى بكرى اعتراضه على مد فترة السنوات الأربع لرئيس الجمهورية. وتصريحا آخر مهما للنائب صلاح حسب الله المتحدث باسم ائتلاف دعم مصر يقول فيه «لا توجد نية أو حاجة ملحة لإجراء تعديلات دستورية الآن». أما جورج إسحاق فقال إنه لا يليق أن يتم تعديل الدستور، فى حين ان حسام الخولى نائب رئيس حزب الوفد قال إنه يؤيد تعديل الدستور ولكن بعد عشر سنوات من صدوره.
مرة أخرى أرجو ان تدرس مؤسسة الرئاسة هذه المواقف من جميع جوانبها، وأن تركز على مضمون الاعتراضات، وليس فقط على اسماء اصحابها.