«الوقاية خير من العلاج» مقولة قديمة قد يرى البعض فيها بعضا من المبالغة لكنى أراها مبالغة مقبولة وواردة. فالقصد أن الوقاية تحول دون المرض وبالتالى لا يستوجب الأمر علاجا.
أصبح الطب الوقائى الآن أحد أهم العلوم الطبية الذى يخصص لها مراكز علمية قائمة بذاتها منها تستقى المعلومات العلمية المؤكدة عن الأمراض وطرق انتشارها ووسائل مكافحتها والمبادئ الأساسية لعلاجها.
تلك المعلومات تتيحها المراكز المتخصصة للناس بجميع الوسائل الممكنة منها النشرات المكتوبة بسهولة ووضوح تمكن الإنسان العادى حتى محدود الإدراك من فهمها واستيعابها. تجدها فى المطارات وكل مؤسسات الدولة وأهمها المدارس والمستشفيات ومراكز الأحياء الاجتماعية.
هناك أيضا وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة وشبكات التواصل الاجتماعى.
على شبكة الانترنت والفيس بوك فيض هائل من المعلومات الصحية المغلوطة والمشوهة تضر أكثر مما تنفع أما برامج التليفزيون والصحف فحدث ولا حرج. خلط واضح ومتعمد بين الإعلان والإعلام لا تخطئه عين ويدركه كل صاحب خلفية علمية.
استوفقنى هذا الأسبوع إعلان فى قناة تليفزيونية واسعة الانتشار يعلن عن برنامج للثقافة الطبية ــ وفقا لما ورد فى الإعلان ــ يوفر على المشاهد عناء الانتقال للطبيب ويكفيه شر رسوم الكشف لأن البرنامج سيعالج المشاهد على التليفون!
هل يتصدى العقلاء منا لهذا الفيضان من المعلومات المضللة والصيغ الإعلانية التى يلبسها الإعلاميون والأطباء معا أثواب الحكمة ورداء العلم رغم انحسار قيمتها العلمية ورداءة بضاعتها؟
إدارة الطب الوقائى بوزارة الصحة ونقابة الأطباء ونقابة الصحفيين واتحاد الكتاب وغيرها هيئات يجب أن تدرك أن لها دورا يجب أن يفعل فى مواجهة تلك الظاهرة التى أراها بلا مبالغة تخريب متعمد لعقل الإنسان المصرى البسيط الذى يصدق إلى الآن أن أولئك هم أهل الذكر فيصدقهم.
أعرف أن هناك تجاوزات كثيرة ومخالفات أخرى يصيب رذاذها ميثاق شرف العمل الصحفى وقسم أبقراط لكن تلك إحدى الجرائم التى لا يجب على الإطلاق التغاضى عنها.
رغبة منى فى رد الفضل لصاحبه: أكتب اليوم لدعم الأستاذ الدكتور صلاح الغزالى حرب فى موقفه من تلك المهزلة كما وصفها فى مقال بعنوان «مهزلة الإعلام الطبى فى مصر». أتمنى أن تكون هناك نقطة بداية نأتلف حولها رغبة منا أطباء وإعلاميين فى إصلاح ما أفسده السفهاء منا.