العازف لا يلوم إلا نفسه - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:39 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العازف لا يلوم إلا نفسه

نشر فى : الأحد 18 أكتوبر 2015 - 7:50 ص | آخر تحديث : الأحد 18 أكتوبر 2015 - 7:50 ص

اليوم يتوجه المصريون لانتخابات مجلس نوابهم فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية.. والسؤال: هل سيكون هذا المجلس هو ما حلمنا به طوال السنوات الماضية بعد ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو؟!.

الإجابة بالطبع هى «لا» قاطعة، وكل المؤشرات تقول إن هذا المجلس لن يرضى الكثيرين، لأسباب متعددة، ومن يقول غير ذلك فهو لا يخدع إلا نفسه. لكن هل معنى ذلك أن نضع أيديا فوق خدودنا ثم نعود لنجلس على الكنبة الشهيرة، ونطلق المقولات الشهيرة من عينة «مفيش فايدة» و«يعنى إحنا اللى هنغير الكون» و«الأمور ماشية ماشية ببرلمان أو بدونه»؟!.
لو حدث ذلك لا قدر الله فإن الصورة سوف تصبح أكثر قتامة، ووقتها على من يقاطع أو يعزف عن الانتخابات ألا يلوم إلا نفسه.

مرة أخرى: هل البرلمان المقبل هو الذى سيحقق الديمقراطية الكاملة التى نحلم بها؟!.
الإجابة هى لا، ولا حتى البرلمان بعد المقبل سيفعل ذلك، لكن استمرار التراكم والإصرار على عدم الانسحاب من الفضاء العام، والمشاركة الكثيفة هى التى ستفتح هذه الدائرة المغلقة.
سيقول البعض إن الانتخابات معروفة النتائج مسبقا، وإن من يملك المال هو من سيحصد أكثرالمقاعد، وسيقول البعض الآخر، إن هناك قوى كثيرة فى المجتمع لم تستطع المشاركة، خصوصا بعض القوى المدنية التى كان لها دور كبير فى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
كل ذلك صحيح، لكن الأصح هو أن عدم المشاركة سيؤدى إلى نتائج وخيمة وكارثية تزيد المشهد انتكاسا، وبالتالى فإن المشاركة واختيار أفضل العناصر المتاحة قد يقلل من الآثار السلبية المتوقعة، ويؤدى إلى تحسين الصورة إلى حد ما.

تخيلوا أن كل ناخب قرر أن ينزل ويشارك ويختار العنصر الأفضل من وجهة نظره، فما الذى سيحدث وقتها؟!. النتيجة هى أننا سنملك برلمانا معقولا إلى حد ما رغم كل الانتقادات والمناخ العام السلبى.

لكن لو أن كل شخص ظل فى بيته، ولم يشارك فالنتيجة المتوقعة، هى أن القوى والأحزاب والجماعات المنظمة والغنية هى التى ستفوز بأغلبية المقاعد، وربما تكون قادرة بعد المعركة على شراء نواب جاهزين.

إذا المعادلة هى: كلما زادت نسبة المشاركة قلت نسبة تمثيل المتطرفين ونواب المال السياسى، والعكس صحيح تماما.

من المزايا القليلة الموجودة فى هذه الانتخابات هى عدم وجود حزب يمثل الحكومة أو الرئيس، وتضطر معه بعض الإدارات الحكومية إلى مجاملة هذا الحزب كما كان يحدث مع «الحزب الوطنى» أيام حسنى مبارك.

المعادلة بوضوح هى أنه عندما يقرر غالبية المصريين عدم المشاركة، فإنهم يعطون الفرصة لدخول كل «الأشكال الضالة وربما الفاسدة أو المتطرفة» وفى هذه الحالة لا يحق لهم الشكوى من البرلمان المقبل، لكن يمكنهم منع ذلك إذا نزلوا وشاركوا وانتخبوا أفضل العناصر المتاحة حتى لو لم تكن ثرية وغنية، بل لديها الخبرة والكفاءة للتشريع والمراقبة وخدمة المواطنين والإيمان بدولة عصرية حديثة.

مرة أخرى وليست أخيرة: كنا نحلم ببرلمان مثالى، وكنا نتمنى قوانين انتخابات تعطى الأولوية للقوائم الحزبية النسبية وليس للنظام الفردى أوالقوائم المغلقة،وكنا نحلم ان تتحلى الحكومة بسعة صدر وتصدر قوانين انتخاب تشجع الأحزاب والقوى المدنية المختلفة، وكنا نحلم بأشياء كثيرة لم تتحقق، لكن فى السياسة لا يجوز فيها اليأس والبكاء على اللبن المسكوب.

علينا أن نحاول دائما حتى بمنطق تقليل الخسائر. انزلوا وشاركوا وصوتوا واختاروا الأصلح، فربما ينصلح الحال.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي