يبدو أن صاروخى «فجر 5» اللذين وجهتهما حركة الجهاد الإسلامى مساء (الخميس) نحو مدينة تل أبيب، قد تم إطلاقهما من داخل منطقة آهلة بالسكان فى جنوب قطاع غزة، وهى منطقة لم تتعرض حتى الآن للغارات المكثفة التى تشنها إسرائيل منذ بدء عملية «عمود السحاب» العسكرية، وذلك خشية من أن يؤدى ذلك إلى سقوط ضحايا كثيرة فى صفوف السكان المدنيين، إذ تقرر إرجاء التعرض لها إلى مرحلة لاحقة من تلك العملية.
مع ذلك، فإن إطلاق هذين الصاروخين أدى فوراً إلى اتخاذ قرار يقضى بتوسيع نطاق العملية العسكرية الإسرائيلية، الأمر الذى يعنى، فيما يعنى، زيادة أهداف جديدة على بنك الأهداف التى تقرر تدميرها. وعلى ما يبدو فإن الأهداف الجديدة تشمل مواقع الصواريخ طويلة المدى القائمة داخل المناطق الآهلة بالسكان، والتى تحتوى أيضاً على صواريخ من طراز غراد يصل مداها إلى 40 كيلومتراً.
كما يمكن التقدير أيضاً أن هذه الأهداف الجديدة تشمل توسيع عمليات اغتيال قادة حركة «حماس» وسائر الفصائل الفلسطينية فى القطاع، وقصف مواقع تابعة لسلطة هذه الحركة وعدم الاكتفاء بقصف المواقع العسكرية فقط. وقد بدأ الجيش الإسرائيلى بتنفيذ هذه الأهداف الجديدة منذ مساء أمس (الخميس)، إذ قام سلاح البحر الإسرائيلى بقصف بيت رئيس حكومة «حماس» إسماعيل هنية من دون أن يتعمد إلحاق أى أضرار به أو بسكانه.
فى المقابل، لا بد من القول إن دخول مصر بسلطتها الجديدة على الخط من شأنه أن يضع صعوبات كبيرة أمام إمكان استمرار إسرائيل فى هذه العملية العسكرية. فى الوقت نفسه ليس من المبالغة أن نتكهن بأن حركة «حماس» ستكون من الآن فصاعداً أكثر تشكيكاً فى كل ما يتعلق بأى اتفاق تهدئة، ذلك بأن إسرائيل أوهمتها قبل إقدامها على شن عمليتها العسكرية الحالية بأنها ستحافظ على التهدئة التى تم التوصل إليها بين الجانبين بوساطة مصر، لكنها سرعان ما أقدمت على شن العملية العسكرية.
كما يجب ملاحظة أن وتيرة إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون من غزة على إسرائيل ظلت حتى يوم أمس (الخميس) منخفضة نسبياً، إذا ما أخذنا فى الاعتبار أن حركة «حماس» وحدها تمتلك فى ترسانتها أكثر من 10,000 صاروخ بينها 2000 صاروخ يصل مداها إلى 40 كيلومتراً. ويبدو أن «حماس» تنوى زيادة وتيرة إطلاق الصواريخ والقذائف عشية انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية، وذلك سعياً منها لأن تحظى بصور ترمز إلى كونها الجانب المنتصر فى هذه الجولة من المواجهة. ولا شك فى أن إسرائيل ستبذل كل ما فى وسعها للوقوف حائلا دون حصول «حماس» على صور كهذه.