عهد علىّ» أن أغير من نفسى بعد ثورة 25 يناير التى غيرت مصر بكاملها، عهد على أن أنزع عنى رداء السلبية الذى كنت أرتديه فى أوقات كثيرة، كنت أقول فى نفسى «كبرى دماغك مفيش فائدة»، الإحباط الذى كان يلفنى كان ذاته الذى ألمسه لدى الكثيرين من أصدقائى ومعارفى هو نفسه الذى كنت أراه على وجوه الشباب الذين كانوا ينشدون مستقبلهم خارج الحدود.
فى كل مرة كنت أتلقى فيها دعوة لوقفة احتجاجية أو مظاهرة حتى لو كانت لمساندة حقوق زملاء لنا فى المهنة كنت أذهب متثاقلة أنا أردد فى نفسى عبارة «مفيش فايدة مفيش حاجة هتتغير».
وفى يوم 25 يناير لم نكن متفائلين كالعادة خاصة عندما لم نجد أعدادا كبيرة فى ميدان التحرير فى الموعد المحدد للمظاهرة، كنا مجموعة من الأصدقاء قررنا التحرك معا إلى الميدان، وما هى إلا ساعات قليلة حتى انشقت أرض الميدان عن جموع غفيرة من البشر مصريين من مختلف الأعمار والمستويات التعليمية والاجتماعية غالبيتهم من الشباب من الجنسين أتوا من جميع أحياء القاهرة الشعبية والراقية على السواء الكل يهتف فى صوت واحد هادر «الشعب يريد إسقاط النظام»، سمعنا أن هناك مظاهرات كبيرة أيضا فى المحافظات خاصة السويس التى سقط فيها عدد من القتلى كانوا الشرارة الأولى للثورة، ساعتها أدركنا أن الأمر هذه المرة مختلف وعندما سقط عشرات الشهداء من الشباب فى ميدان التحرير وعند أسوار وزارة الداخلية وفى أنحاء عديدة بالبلاد أيقنا أن هذه هى نهاية النظام والحكاية كلها مسألة وقت وبالفعل نجحت الثورة وسقط النظام، وهتف المصريون من قلوبهم «الشعب خلاص اسقط النظام، ارفع رأسك فوق انت مصرى»، وتغير وجه مصر والرموز تساقطت واحدا تلو الآخر أما أبواق النظام الذين كانوا يحاربون معركته الأخير محاولين تلويث شباب الثورة واتهامهم بالعمالة للخارج ــ فأصبحت أيامهم معدودة فهم يعرفون قبل غيرهم أنه لن يكون بمقدورهم الاستمرار حتى بعد ان غيروا جلدهم واصبحوا يهاجمون بضراوة أسياد الأمس لأنه لم يعد لهم أدنى مصداقية.
الآن وبعد أن غيرتنا الثورة نعاهد الشعب ألا نعود لسلبيتنا أبدا وأن نحاول مواجهة ما نراه من فساد أو ظلم ليس بأضعف الإيمان وإنما بكل ما أوتينا من قوة، سوف نحافظ على ما خلفته الثورة فى نفوسنا من تفاؤل بالمستقبل ومن فخر شديد بأننا مصريون وسوف نسد آذاننا على هتاف الملايين «ارفع رأسك فوق انت مصرى».