عقد مع الفشل (الجزء الثانى - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 5:01 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عقد مع الفشل (الجزء الثانى

نشر فى : الأحد 19 أغسطس 2012 - 9:30 ص | آخر تحديث : الأحد 19 أغسطس 2012 - 9:33 ص

كأن هناك من لا يريد التقدم أو من لا يعرف كيف نتقدم.. فمازلنا ننتظر الأبطال الذين يولدون من بطن الصدفة. رشوان عملاق الجودو كان لاعبا لكرة السلة، وكرم جابر فنان المصارعة لم يبدأ مصارعا، ربما لاعبا لكرة السلة أيضا. حتى السيد نصير عملاق رفع الأثقال القديم كان يرفع بالات القطن فى قرية شوبر بطنطا (أظن انها قرية شوبير ) ثم أصبح رباعا أوليمبيا.. نحن نادرا ما نصنع الأبطال. هم يصنعون أنفسهم. وكلما بدأنا مشروعا أفسدناه وقتلناه يأسا أو جهلا.

 

••أقول لوزير الرياضة، وللحكومة ورئيسها. فليمسك أحدكم بصحيفة قديمة، من 40 سنة، وسوف يقرأ: «لابد من التركيز على اللعبات التى يمكن أن نتفوق فيها فى الألعاب الاوليمبية، مثل المصارعة ورفع الأثقال، واللعبات النزالية، والملاكمة». وبذلك نصنع أجيالا. فمن سوف يرتدى حذاء كرم جابر بعد اعتزاله، وارتداء الحذاء من تقاليد المصارعة.؟

 

••بريطانيا حققت أفضل نتائجها الأوليمبية فى دورة لندن. وهذا بالإعداد وبالإنفاق المذهل. هناك فارق هائل فى الإمكانات. فنحن نحاسب أنفسنا لإنفاق 40 مليون جنيه على إعداد الرياضيين المصريين.. فى المقابل أنفقت بريطانيا قرابة 250 مليون جنيه إسترلينى (حوالى 2 مليار و500 مليون جنيه مصرى).. ولا أحد يطالب بهذا الحجم من الإنفاق، لكنه مجرد مثال لأبجديات صناعة البطل. إلا أن جزءا مهما من تفوق بريطانيا أنها أنفقت الأموال فى اللعبات التى تحقق ميداليات أكثر وتتواكب مع تفوقها التاريخى فى تلك اللعبات.

 

••أنفقت بريطانيا حوالى 115 مليون جنيه إسترلينى (بإضافة الكسور وهى مئات الألوف) على خمس لعبات وهى التجديف (27 مليون). والدراجات (26 مليون). وألعاب القوى (25 مليونا) واليخوت (5 ملايين ) والفروسية ( 5 ملايين ).. وفازت فى تلك الرياضات بـ 37 ميدالية من إجمالى 65 ميدالية.. وكانت الدراجات صاحبة النصيب الأكبر ( 12 ميدالية ) ثم التجديف ( 9 ). ثم ألعاب القوى ( 6 )..

 

••الالعاب الأوليمبية يطول الحديث فيها، بعيدا عن الآراء الانطباعية، «الزمخرشية الفنكوشية».. وعلينا أن نختار ما نستطيعه من أساليب صناعة الأبطال. فالمدرسة الأمريكية لا نقدر عليها، لأن أبطالها من مواليد المدارس والجامعات، وهناك مجلس وطنى يدير الرياضة فى تلك الهيئات تأسس عام 1906.. والمدرسة الصينية التى استعانت بمدربى ألمانيا وأوروبا الشرقية لا نقدر عليها، لأن الصين انطلقت رياضيا بعد إنشاء 3000 مركز تدريب رياضى على أعلى مستوى.. ويبقى لنا نموذج مدرسة كوبا وبريطانيا وفرنسا وحتى جامايكا  بالتركيز على لعبات يمكن أن نتفوق فيها، على أن نؤسس لها مراكز تدريب لما بعد دورة 2020.. وأسمع من يقول ياه؟.. وأرد: هذا ليس لكم ولا مؤاخذة وإنما لأجيال قادمة..    

 

••وأنتهى بما قلته منذ 10 سنوات: بأن العالم تغير وانتقل من صناعة الحركة بقوة البخار إلى عصر الذرة، ومن قانون قوة الدفع الذى صنع المحرك النفاث إلى زمن الوقود الجاف ووقود الأكسجين السائل الذى يدفع الصاروخ ومن  سرعة الضوء إلى الفيمتو ثانية.. وفى الرياضة كانت البداية هى «القوة الفطرية» ثم انتقل العالم إلى صناعة الأبطال بكل ما فى الصناعة من مواد خام وعلم وتطوير وتكنولوجيا وجودة وجدية وإخلاص ومال.. وإدارة قبل هذا كله..

 

••مضت السنوات العشر وقبلها مضت عقود،  ومازلنا نعيش عصر قوة البخار بكل ما فى العصر من بطء وتراجع قياسا بما حولنا.. «وكفاية كده».

 

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.