عقبة فى «طريق الحرير» - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 10:02 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عقبة فى «طريق الحرير»

نشر فى : السبت 19 سبتمبر 2015 - 7:05 ص | آخر تحديث : السبت 19 سبتمبر 2015 - 7:05 ص

المشروع الاقتصادى الريادى ــ الذى أطلقه الرئيس الصينى شى جين بينج وأسماه «طريق الحرير» فى رمزية ذات مغزى ثقافى عميق ــ يحمل دلالات سياسية واقتصادية وتاريخية، يومها كانت الصين والهند تشكلان 80% من اقتصاد العالم القديم.

لكن المشروع اليوم الذى تعول عليه النخب ومجتمع الأعمال والاقتصاد فى الصين كرافد استراتيجى من روافد الحفاظ على زخم الصعود الصينى حول العالم، يواجه عقبات قد تحد من الطموحات التى يرمى إليها القائمون على هذا المشروع الكبير.. عقبات ليست ذات طبيعة جغرافية، إذ إن الجغرافيا اليوم تم تطويعها، وليست ذات بعد مواصلاتى لأن وسائل النقل اليوم باتت فى متناول الجميع، لكن العقبة التى برأينا ربما تواجه هذا المشروع هى الإشكالية الاتصالية.

إن الحماسة التى تبديها بكين من أجل الدفع بهذا المشروع نحو النجاح، والشراكات التى يتم توقيعها بين الصين، والدول التى يمر بها «طريق الحرير» تدعو للإعجاب، لكن فى واقع الأمر، هذا المشروع الاقتصادى القائم من ركام نوستالجيا ثقافية صينية بحتة، يجب أن يخدم ثقافيا بالتوازى مع دعمه سياسيا واقتصاديا.

فى الماضى أسهم «الطريق» فى إيصال البضائع والثقافات على حد سواء إلى العالم العربى والعكس، ومن بين ما وصلنا من هناك الورق، الذى شكل أداة ونقلة وثورة اتصالية فى وقته، إذ أطلق شرارة التدوين، وساهم فى نقل التراث الحضارى بين الشعوب.

لقد حمل الناس أفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم وأديانهم عبر هذا الطريق وتعارفوا، ما شكل نقطة التقاء للحضارات بفعل الوسيلة المتاحة آنذاك، لكن يبدو أن أدوات التواصل اليوم بين دول «طريق الحرير» شبه مفقودة.. ونحن هنا نناقش الجانب العربى والصينى نقول إن تعلم اللغة العربية والصينية مازال يشكل عائقا أساسيا فى مد وتطوير شكل التعاون بين الجانبين، فبتعلم اللغة نستطيع الولوج إلى الإرث الإنسانى لكلا الحضارتين، واكتشاف الحديث منه، ومن دونها ستصبح هذه المبادرة كيانا ماديا يفتقد إلى الروح والديمومة، فالمتتبع للهيمنة الغربية فى المنطقة بالرغم من التاريخ الامبريالى، يجد أن المفتاح لذلك يكمن فى اللغة التى يقبل على تعلمها الشباب بحماس، ويعتبرونها مفتاحا ضروريا يجب امتلاكه، لتشكل الإنجليزية فيما بعد إمبريالية من نوع آخر نراها تنعكس فى تفاصيل حياتنا تجاريا وتعليميا.. إلخ.

وكما كان الورق أداة اتصالية مهمة فى ذلك الوقت، فإن الانترنت فى وقتنا الحاضر يعتبر الوسيلة الرئيسية بين الشباب الذين يشكلون السواد الأعظم فى ديموغرافيا الوطن العربى، لذا فإن من الضرورى جعل منصات تطبيقات وسائل الإعلام الجديد مثل (تويتر وفيس بوك ويوتيوب وويبوه) فى متناول هذا الجيل من أجل التواصل، واستغلال هذه الوسيلة التى من خلالها تتم الاستفادة مما تحققه العولمة من منافع وفوائد على جميع الصعد.

إن الانترنت وتكنولوجيا المعلومات ومنصات التواصل الاجتماعى وسائل بالإمكان جعلها أداة فاعلة من أدوات القوة الناعمة التى طالب الرئيس الصينى شى جين بينغ فى ديسمبر الماضى بضرورة تعزيزها، لا سيما وأن الفرصة متاحة، فالصين اليوم لا ترتبط فى الذهنية العربية بأى ذكريات سيئة، والعكس صحيح، كما أن الدول المشرقية فى المجمل تحمل ذات القيم والتقاليد مع خصوصية هنا أو هناك.

لقد كانت صورة «السيلفى» التى التقطها رئيس الوزراء الصينى لى كه تشيانغ والهندى ناريدرا مودى أخيرا، انعكاسا واقعيا لحال الجيل اليوم الذى أنتج لغته الخاصة ووضع أبجدياتها، وبقدر ما نؤمن بضرورة ومزايا «طريق الحرير» اقتصاديا؛ يجب أن ندرك أن دعم التواصل بين شعوب هذا المشروع يجب العمل عليه وتعزيزه اعتمادا على لغة العصر وتقنياته.


الرياض ــ السعودية
أيمـن الـحـمـاد

التعليقات