أستراليا بحاجة إلى إعادة النظر فى امتلاك أسلحة نووية - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 7:29 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أستراليا بحاجة إلى إعادة النظر فى امتلاك أسلحة نووية

نشر فى : الأحد 19 سبتمبر 2021 - 7:40 م | آخر تحديث : الأحد 19 سبتمبر 2021 - 7:40 م
نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب موراى هانتر، يتناول فيه الخيارات الاستراتيجية المتاحة أمام أستراليا لمواجهة البيئة الجيوسياسية الإقليمية المتغيرة. متسائلا هل سيكون تطوير ترسانة نووية فى أستراليا مشروعا سهلا؟... نعرض منه ما يلى:
مر خمسون عاما منذ أن اتخذت أستراليا قرارا رسميا بعدم حيازة أسلحة نووية. ومع ذلك، منذ ذلك الحين تغيرت البيئة الجيوسياسية الإقليمية بشكل صارخ، ومن المرجح أن تصبح أكثر اضطرابا خلال العقود القليلة القادمة.
الاعتماد على الولايات المتحدة كحليف، وتعهدها بالحماية النووية لأستراليا، كلها أمور غير مؤكدة فى المستقبل. ستتغير المواقف الاستراتيجية التنافسية للصين والولايات المتحدة بشكل جذرى خلال العقد المقبل. كما أن المصالح الأمريكية فى ظل رئاسات مختلفة متقلبة. وفى الآونة الأخيرة، تدهورت العلاقات الثنائية بين أستراليا وبين أكبر شريك تجارى لها، الصين، مع وجود مؤشرات قليلة على التحسن.
كما أن هناك عددا من بؤر التوتر المحتملة فى المنطقة؛ تشمل النوايا الصينية بشأن تايوان، وامتلاك كوريا الشمالية لأنظمة إطلاق أسلحة نووية بعيدة المدى، وباكستان النووية التى يحتمل أن تكون غير مستقرة مع خطط طالبان لإنشاء خلافة طالبان البشتونية فى باكستان. التوازن النووى فى المنطقة أيضا آخذ فى التحول؛ حيث دفع صعود القوة العسكرية للصين دولا مثل الهند إلى ترقية ترسانتها النووية إلى أسلحة نووية حرارية أكثر قوة. وربما تكون نوايا تطوير الأسلحة النووية الإندونيسية ذات أهمية قصوى فى ظل تنامى السلفية الوهابية فى إندونيسيا.
لذلك، تحتاج أستراليا إلى مناقشة الخيارات الاستراتيجية فى الواقع الجديد الذى تواجهه فى المنطقة. هناك حاجة مثلا إلى إعادة تقييم تحالفها مع الولايات المتحدة فى مرحلة ما بعد سيطرة طالبان على أفغانستان، وتقييم علاقاتها مع جيرانها القريبون جدا الذين يتبنون ردا لطيفا على الصين.

هل الأسلحة النووية ممكنة تقنيا لأستراليا؟
قدرة أستراليا على تطوير أسلحة نووية أفضل من دول كثيرة. فمنظمة العلوم والتكنولوجيا النووية الأسترالية (ANSTO) تعد مركزا مشهورا عالميا للأبحاث النووية. طورت أستراليا أيضا بعض التقنيات المحلية المتقدمة لتكرير اليورانيوم وهى أكثر اقتصادا وأرخص من تقنية الطرد المركزى التقليدية.
تمتلك أستراليا احتياطيات كبيرة من اليورانيوم ومخزون من اليورانيوم شبه المكرر. كما تمتلك درجة معينة من تكنولوجيا صنع القنابل التى اكتسبتها من مشاركتها مع بريطانيا فى التجارب النووية خلال الخمسينيات والسبعينيات. أستراليا لديها مجموعة من صواريخ كروز ذات القدرة النووية والتى يمكن إطلاقها من الطائرات والسفن والغواصات. تعد الغواصات اليوم الطريقة الأكثر تخفيا لإيصال الأسلحة النووية، لأنها الأكثر صعوبة فى الكشف عنها.
ومع ذلك، هذا لا يعنى أن تطوير ترسانة نووية سيكون مشروعا سهلا لأى حكومة مستقبلية. بعبارة أخرى، سيكون المشروع كبيرا ويتطلب ميزانية خاصة، مما يعنى تقليص نفقات الميزانيات الأخرى. وقد يكون هذا صعبا جدا فى البيئة الاقتصادية الحالية.
فى حالة عدم وجود شكل من أشكال التهديد لأمن أستراليا، من المحتمل أن يكون النقاش العام فى هذا الموضوع الأكثر جدلا وحماسة داخل المجتمع الأسترالى. وسوف ينعكس هذا فى البرلمان الأسترالى ومن المحتمل أن يؤدى هذا النقاش إلى إسقاط الحكومة. أما فى حالة عدم وجود تحالف حزبى حول هذه القضية، فإن حكومة حزب العمال فى السياسة الحالية سوف تسحق بحزم أى برنامج نووى محتمل.
باختصار، النقاش حول الأسلحة النووية هو قضية يمكن أن يستخدمها السياسيون لكسب السلطة، مما سيمنع أستراليا من تطوير أسلحة نووية فهذه هى ديناميات النظام الديمقراطى. وإذا كان على فرنسا أو بريطانيا تطوير أسلحة نووية من الصفر اليوم، فسيكون ذلك مستحيلا تقريبا من خلال عملياتهما الديمقراطية.
وحتى إذا قررت أستراليا المضى قدما فى برنامجها النووى، فستكون هناك حاجة إلى موافقة ضمنية من الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة ظلت منذ سنوات تتحوط من هذا الأمر. ومع ذلك، من وجهة نظر بايدن للمنطقة، قد تدعم الولايات المتحدة الحلفاء فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ لتحمل المزيد من المسئولية عن دفاعهم. واقتراح أستراليا لتطوير ترسانتها النووية قد يجلب عروضا كبيرة من الامتيازات من الولايات المتحدة. كما أن هناك احتمالات بأن الولايات المتحدة يمكن أن تنشر أسلحة نووية على الأراضى الأسترالية كرادع.
قبل أيام، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا عن اتفاقية أمنية خاصة لتبادل تقنيات عسكرية متقدمة. وستمكن هذه الشراكة أستراليا، للمرة الأولى، من بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية. وحملت الاتفاقية اسم «أوكوس»، وستغطى مجالات الذكاء الاصطناعى والتقنيات الكمية والإنترنت. وهو ما اعتبرته الصين صفقة «غير مسئولة إطلاقا» بين الولايات المتحدة وأستراليا.
ولم يأتِ بيان القادة الثلاثة الأمريكى والأسترالى والبريطانى على ذكر الصين واكتفى بالإشارة إلى «السلام والاستقرار فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ»، لكن مما لا شك فيه أن التحالف الجديد يهدف قبل كل شىء إلى مواجهة الطموحات الإقليمية لبكين، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
فى النهاية، تحتاج أستراليا لتطوير رادع نووى لكسب الاحترام الاستراتيجى فى المنطقة. فأستراليا لا تستطيع تحمل إلقاء نفسها عسكريا فى بحر الصين الجنوبى بأى طريقة. سيتطلب هذا إنفاق 4ــ5٪ من الناتج المحلى الإجمالى على الدفاع. كما أن دبلوماسية المعاملات الأسترالية داخل المنطقة لم تطور تحالفات عسكرية إقليمية وثيقة.
إن وجود رادع نووى سيسهل على أستراليا أن تقف بمفردها. وقد يتطور هذا إلى خيار استراتيجى جاد.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:
التعليقات