(كان مكفرنا كلنا) - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:50 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

(كان مكفرنا كلنا)

نشر فى : الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 11:50 ص | آخر تحديث : الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 11:50 ص

(الله يرحم ايامك يا مبارك، فى عهدك ماكنش فى فرق بين مسلم ومسيحى، كنت مكفرنا كلنا).

 

الكلمات السابقة هى رسالة بعث بها أحد المشاهدين للإعلامية الكبيرة هالة سرحان، فى برنامجها (ناس بوك)  مساء الاثنين على فضائية روتانا مصرية.

 

الرسالة طريفة وتعبر عن قدرة المواطن المصرى على تلخيص مرحلة من ثلاثين عاما فى عبارة لا تزيد على 15 كلمة.

 

ورغم كوميدية الرسالة فإن البعض يعتقد أن الاحتقان الطائفى هو أحد اعراض ثورة 25 يناير بل ويحدثك جادا عن كل المشاكل الموجودة الآن وكأنها لم تحدث إلا بعد 25 يناير.

 

والأكثر أسفا أن هذا البعض ليس من العامة أو محدودى الاطلاع بل من (نخبة الفلول). خطورة كلامه أنه لا يقول لك مباشرة إن الاحتقان الطائفى هو من أعراض الثورة، بل يضوع لك هذا المعنى بطرق ملتوية وماكرة بحيث تصل إلى المواطن البسيط فى النهاية رسالة واضحة خلاصتها أن الثورة هى من سبب الفتنة.

 

ولذلك وجب علينا أن نقول للبسطاء وحتى للذين فى قلوبهم مرض  إن الفتنة هى اختراع مباركى أصيل ومسجل باسمه فى كل الأماكن التى انفجرت فيها قنابل هذه الفتنة.

 

قبل ثورة يوليو 1952 كان هناك احتلال بريطانى حاول كثيرا أن يستخدم ورقة الأقباط لشق الصف الوطنى، لكن حزب الوفد  عندما كان حزب كل الوطنيين  حارب ذلك بضراوة.

 

بعد ثورة 1952 اختفت  تقريبا  كل تعبيرات الفتنة ومظاهرها، لأنه كان هناك مشروع وطنى حقيقى انشغل به الجميع، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع عبدالناصر والنهاية المؤسفة التى آل اليها. مشروعه بعد نكسة 1967مات عبد الناصر مقهورا وجاء السادات وفى بداية حكمه بدأت مؤشرات الفتنة بحادث الخانكة أوائل السبعينيات، ثم انتهى عهده بالصدام مع كل قوى المجتمع ومنها الكنيسة، حيث اعتقل كل السياسيين ووضع البابا شنودة فى دير وادى النطرون رهن الإقامة الجبرية ثم اغتيل بعد ذلك بأيام على يد الإسلاميين.

 

جاء بعده مبارك فى أكتوبر 1981 وتفاءل به كثيرون بعد إفراجه عن المحبوسين وبعد سنوات قليلة من الآمال العظيمة بدأ الصدام مع الجميع لكن الأخطر أنه اكتشف فائدة اللعب بورقة الأقباط. ومنذ بداية التسعينيات كانت الورقة الطائفية جاهزة للخروج من (جراب الحاوى) فى كل مرة تنادى فيها القوى الوطنية بالإصلاح الحقيقى. لا أعرف من هو الداهية الذى أقنع مبارك بأن يعقد (صفقة الشيطان) مع البابا شنودة، وبمقتضاها حصل البابا على حق احتكار تمثيل الأقباط مقابل تأييد مبارك فى كل شىء، بداية من مدح (سياسته الحكيمة) مرورا بتأييده فى الخارج، وانتهاء بدعم كل الاستفتاءات والانتخابات المضروبة. هذه الصفقة استفاد منها فقط مبارك وشنودة وخسرت فيها كل مصر خصوصا أقباطها.

 

لا نحتاج إلى تذكير السذج وأن نقول لهم إنه قبل بداية الثورة بخمسة وعشرين يوما فقط حدث الانفجار المروع أمام كنيسة القديسين بالاسكندرية.

 

لن نتهم  كما فعل كثيرون، حبيب العادلى وأمن الدولة  بل سنقول إن الإهمال المتعمد هو الذى قاد إلى أن يتحول مجرد جرح بسيط كان يمكن علاجه بسهولة إلى ورم سرطانى خبيث نحتاج معجزة لعلاجه.

 

الثورة لم تصنع قنبلة الفتنة بل قامت من أجل تفكيكها، ثم إن هذه القنبلة يراد لها أن تنفجر كى تعرقل الثورة، والمؤكد أن الثورة ستنجح والقنبلة ستنفجر.......... لكن فى وجوه أصحابها.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي