لا أقولها للنظام، النظام سمعها واستوعبها على ما أعتقد، أقولها لمجتمع كامل كان مستلمنا إحنا الشباب، شباب فاضى، شباب رايق، شباب نايم، شباب تافه، شباب جاهل، شباب مغيب، شباب مش عارف راسه من رجليه، أقول للجميع.. فهمتونا؟
سنين من الاتهامات كادت تفقدنا الثقة فى أرواحنا، سنين من التهكم وتثبيط الهمة أو عدم المبالاة كادت أن تقنعنا فعلا إننا جيل فاقد وفاسد وبدأ بعضنا يتبنى دعوات لمحاولة إنقاذ الجيل القادم يوم ما يبانلنا جواز أو خلفه بعد عمر طويل، كلمتونا لسنوات عن عدم الانتماء، برامج وبرامج وبرامج عن الشباب اللى مش عارف ألوان العلم، اللى مش حافظ السلام الوطنى، اللى بيقف بالطوابير أمام السفارات الأجنبية طمعا فى جنسية أخرى أو بيتجوز من كركوبة أجنبية للهدف نفسه ويبيع روحه رخيص، اللى بيرمى نفسه فى قوارب الموت عشان مكسل يشتغل هنا، اللى مافيش فى دماغه غير الكوره ومايعرفش غير أسماء لاعبيها، اللى كل معلوماته عن عباس العقاد إنه شارع وكل معلوماته عن الزعيم مصطفى كامل إنه المطرب الأول لسواقين الميكروباص، اللى بيسقط بجدارة فى امتحان الخارجية وبتبقى فضيحته بجلاجل فى امتحان الإذاعة والتليفزيون، اللى بيهرب من التجنيد ويتحبس ويطلع بعدها يعمل شريط كاسيت، اللى أسوأ أيام حياته هو يوم ما حد يكلمه عن تاريخ البلد لأنها ببساطة ما بتشغلش أى حيز من تفكيره على الإطلاق.. فهمتونا؟
لسنوات كنا ممنوعين نعبر عن انتمائنا للبلد، الوسيلة الوحيدة اللى سيبتوهالنا مفتوحة هى متابعة ماتشات المنتخب، منعتونا نتكلم فى السياسة لا فى مدرسة ولا فى جامعة ولا فى نادى ولا حتى بينا وبين نفسنا، فما كان منا إلا أن علمناها لبعض على الإنترنت، وبينما العالم كله كان بيستخدم الفيسبوك والتويتر واليوتيوب كمجرد أداة للترفيه لتبادل النكات والاطمئنان على الأصدقاء كنا إحنا بنستخدمه للنقاش والجدال، للتفكير فى المستقبل ومحاولة فهم الحاضر والماضى، فى عالمنا الخاص اللى كان خافى عن عيونكم رغم أنه كان مفتوح للجميع.. فهمتونا؟
لا ندعى طبعا أننا ملايكه بجناحات، فالبعض منا كان كل ما تقولون وأكثر، والبعض الآن تفرغ بعد الثورة لتصفية الحسابات ووضع القوائم السوداء، بل ولتأليف النكات عن «الراجل اللى ورا عمر سليمان»، لكن الأغلبية لسه بخير وبتفكر فى اللى جاى وبتحاول يكون لها دور فى إعادة إعمار النفوس قبل المنشآت رغم أن هذا المجتمع وعبر سنين طويلة كان منهمكا فى تلقيننا أغنية واحدة عنوانها «مافيش فايده» والخلاصة اللى المفروض توصلنا منها هى الحكمة المصرية الحديثة «نحكم عقلنا.. نهاجر كلنا»، لكن الحمدلله إننا ما سمعناش الأغنية كويس، الحمد لله إننا ألفنا أغانينا بنفسنا، فهمتونا بأه؟
إلى كل الآباء والأمهات، رغم إنكم ماكنتوش فاهميننا قوى، لكن شكرنا واجب ليكم، إحنا مش نبت شيطانى، إحنا أولادكم وبناتكم، لو ما كنتوش ربتونا على حب هذا البلد ماكناش وصلنا لأيام زى دى، لو ما كناش ورثنا منكم الانتماء والضمير الحى والقدرة على تحمل المسئولية والرغبة فى رؤية بلدنا فى الصورة والمكانة اللى تستحقها ما كناش أبدا اتجمعنا وتناقشنا واتفقنا على ضرورة وجود دور لينا من أول فضح الفساد وحتى التخلص من نظام كان بيجرنا كلنا لورا، شكرا ليكم ورجاؤنا الخاص ما ترددوش تانى نغمة «ده جيل مش متربى» لأ إحنا اتربينا كويس على إيديكم، إفرحوا بتربيتكم لنا.