الديون والادخار والاستثمار الأجنبى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الديون والادخار والاستثمار الأجنبى

نشر فى : الأحد 20 فبراير 2022 - 9:00 م | آخر تحديث : الأحد 20 فبراير 2022 - 9:00 م
هل يمكن أن تكون هناك عملية تنمية مستدامة أو حتى غير مستدامة من دون وجود تمويل، متدفق ومضمون؟!
الإجابة بالطبع هى لا.
والسؤال ما هى ملامح السياسة المالية والتدفقات المالية الحكومية من واقع الموازنة التى أصدرتها وزارة المالية، ووردت فى تقرير تمويل التنمية المستدامة الذى أطلقته جامعة الدول العربية، بالاشتراك مع وزارة التخطيط يوم الأحد الماضى، وأشرف عليه الدكتور محمود محيى الدين المدير التنفيذى بصندوق النقد الدولى؟
هيكل الإنفاق الحكومى من إجمالى المصروفات فى عام ٢٠٠٩ ــ ٢٠١٠ بلغ 28.1% للدعم والمزايا والاجتماعية انخفض إلى ١٩٪ عام ٢٠٢٠ ــ ٢٠٢١.
الإيرادات الضريبية بلغت ٦٣٫٦٪ فى عام ٢٠٠٩ ــ ٢٠١٠ وارتفعت إلى ٧٤٫٩ ٪ فى عام ٢٠٢٠ـ ٢٠٢١.
هذه الإيرادات الضريبية منسوبة إلى الناتج المحلى الإجمالى بلغت فى مصر ١٣٫٢٪ فى الفترة من ٢٠١٣ ــ ٢٠١٨ مقارنة بالمكسيك وهى ٢٨٫٥٪ وبعدها الجزائر ٢٨٫٤٪ فى حين أن ماليزيا مثلا تبلغ النسبة فيها ١٣٫٧ والهند ١٥٫٩٪، وتونس ٢٢٫١٪.
من بين عناصر التمويل الملائم للتنمية المستدامة، هناك بند مهم وهو صافى المساعدة الإنمائية الرسمية حيث بلغت حوالى ٢ مليار دولار فى عام ١٩٩٥ ثم قفزت لأكثر من خمسة مليارات بين عامى ٢٠١٣ ــ و٢٠١٤ ثم تراجعت إلى حوالى ١٫٥ مليار فى عام ٢٠١٩ ومن الواضح أن القفزة الكبيرة كانت بعد ثورة ٣٠ يونية ٢٠١٣ ولعبت فيها المساعدات العربية الدور الأبرز.
من بين التدفقات المالية العامة يأتى بند إدارة الدين العام، والأرقام تقول إن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى طبقا لبيانات صندوق النقد الدولى بلغت ٧٦٫٣٪ فى عام ٢٠٠٧ ثم كاد يقترب من ٩٠٪ فى عام ٢٠٢٠، ومن الواضح أن اتجاه هذه النسبة تصاعدية، وهو أمر ليس محمودا.
وطبقا لورقة بحثية لمازن حسن وإنجى أمين فإن نسبة خدمة الدين إلى إجمالى الصادرات من السلع والخدمات عام ٢٠٠٧ ــ ٢٠٠٨ بلغت ٥٫١٪ ثم استمرت فى القفز حتى وصلت فى ٢٠١٩ ــ ٢٠٢٠ إلى 36.1%، ودلالة هذه البيانات أن نسبة خدمة الدين صارت تساوى أكثر من ثلث إجمالى صادرات مصر.
تتحدث الورقة عن المشاركة بعد القطاع العام والخاص، وتكشف عن أن ٦٠٪ من إجمالى الاستثمارات فى البنية التحتية بنموذج المشاركة بين القطاعين فى الفترة من ١٩٦٠ وحتى ٢٠٢٠، اجتذبتهم البرازيل والصين والهند والمكسيك وتركيا، بما يعادل ١٢٧١ مليار دولار، وإلى النموذج المصرى فإن نموذج المشاركة فى نفس الفترة بلغ ٣٠٫١٪ فى الكهرباء و١٠٫٧٪ فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ومن القراءة الأولية هناك زيادة مضطردة فى الشراكة بين القطاعين وهى مؤهلة للزيادة فى المستقبل بعد التشريعات الأخيرة التى صدرت من البرلمان.
ارتباطا بهذا المفهوم أيضا فإن الائتمان الممنوح لقطاع الأعمال الخاص إلى إجمالى الائتمان بلغ ذروته فى عام ٢٠٠٠ ـ ٢٠٠١ بنسبة ٥٥٫٦٪ وظل يتناقض إلى أن بلغ ٢٠٫٨٪ فى ٢٠١٩ ٢٠٢٠، فى حين أن هذه النسبة مقارنة بالناتج المحلى الإجمالى.
تبلغ ٩١٪ فى كمبوديا و١٢٧٪ فى تشيلى و١٥٧٪ فى الصين و١٣٤٪ فى جنوب أفريقيا وهذه البيانات ليست فى حاجة إلى شرح وتحليل.
ومن البيانات المهمة التى تعرضها هذه الدراسة أيضا فجوة الادخار فى مصر من خلال مقارنة إلى الناتج المحلى الإجمالى ففى عام ١٩٦٠ بلغت النسبة ١٣٫٤٨٪ لكنها انخفضت إلى ٦٫٣٣٪ عام ٢٠٢٠. وبطبيعة الحال لا يمكن أن يكون هناك حديث جدى عن تقدم وتنمية من دون وجود ادخار سواء على مستوى الأفراد أو الشركات أو الدولة. ونفس الفجوة موجودة من خلال مقارنة إجمالى تكوين رأس المال الثابت وإجمالى الادخار القومى.
أما تحويلات المصريين من الخارج مقارنة بالناتج المحلى الإجمالى فإن هذه النسبة كانت ٢٫٩٪ عام ٢٠٠٠، ارتفعت إلى ٥٫٧٪ عام ٢٠١٠ ثم قفزت إلى ٨٫١ عام ٢٠٢٠. علما بأن أعلى نسبة كانت ١٠٫٥٪ فى ٢٠١٦.
نسبة تدفق الاستثمار الأجنبى المباشر إلى الناتج المحلى الإجمالى طبقا لـ«الأونكتاد» بلغت ٢٫٠٤٪ عام ١٩٩٠ ثم قفزت فى ٢٠٠٦ إلى ٩٫٣٣ ٪ مسجلة رقما قياسيا قبل أن تبدأ فى النزول لتصل إلى صفر تقريبا فى ٢٠١١، ثم بدأت تصعد تدريجيا لتصل إلى ١٫٦٣٪ عام ٢٠٢٠.
تدفق الاستثمار الأجنبى من أهم المؤشرات على مدى تمتع أى اقتصاد بالصحة والعافية وياحبذا لو كان موجها لقطاعات إنتاجية إضافة لقطاع البترول والغاز، كى يولد مزيدا من فرص العمل الحقيقية.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي