كورونا التى نظفت الأسطح! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 9:51 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كورونا التى نظفت الأسطح!

نشر فى : الإثنين 20 أبريل 2020 - 8:55 م | آخر تحديث : الإثنين 20 أبريل 2020 - 8:55 م

قبل نحو أسبوعين أخبرنى صديق يسكن فى حى السيدة زينب بأن سكان العمارة التى يعيش فيها، قد قرروا جمع مبلغ من المال فيما بينهم لكى يقوموا بتنظيف العمارة خصوصا سطحها وإجراء صيانة عامة لها للحفاظ على الصحة العامة.
أعرف هذه العمارة وأتردد عليها أحيانا لزيارة الصديق. سطح هذه العمارة لم يتم تنظيفه منذ بناء العمارة فى أوائل الثمانينيات من القرن الماضى.
القمامة فوق السطح كانت طبقات متعددة، والساكن تعيس الحظ الذى كان يصعد إلى السطح لضبط «الدش» مثلا، يعانى الأمرين لكى يصل إلى مبتغاه، ليس فقط، بسبب وجود الكراكيب من كل نوع، أو الفئران متنوعة الأحجام، ولكن بسبب وجود بقايا كسر زجاج، يمكن أن يصيب أى مغامر يفكر فى الصعود.
حجم ما تم إزالته من مخلفات من هذا السطح كان كبيرا بدرجة ملحوظة.
هذه البناية كانت معظم مواسير المياه فيها متآكلة، وتسرب المياه، بحيث إنها تهدد حياة المبنى وأكثر من ٢٠٠ شخص يعيشون فيها.
بالطبع العمارة ليست استثنائية فى احوالها وظروفها. وأسطح عدد كبير من البيوت والبنايات المصرية خصوصا فى القاهرة الكبرى، «حالها يصعب على الكافر». ولا يدرك هذه الحقيقة المرة إلا من يركب طائرة هليوكبتر، أو حتى طائرة عادية، حينما تقترب من الهبوط. فسوف يتفاجأ بأسطح مليئة بكل أنواع المخلفات والكراكيب والحشرات، وهى بيئة خصبة لنقل كل الأمراض وربما الإصابات.
ما أقوله ليس جديدا، ومعروف لمعظمنا منذ سنوات طويلة، لكن الجديد أن تداعيات انتشار فيروس كورونا فى كل العالم ومنها مصر قد لفتت نظر الناس إلى أهمية النظافة بصفة عامة.
وبالتالى فحينما يفكر الناس فى تنظيف أسطح منازلهم وتنظيف وصيانة البيوت فهو أمر يدعونا أن نشكر كورونا ــ رغم كل كوارثه ــ وأن نشكر كل الناس الذين يفكرون بهذه الطريقة التى تعنى أن هناك تغيرا فى المفاهيم البالية الراسخة.
نطمع أن تكون أسطحنا مثلما نراه فى أوروبا والغرب عموما وكذلك كثير من المدن الآسيوية، حيث تحولت هذه الأسطح إلى لوحات جميلة، تمتلئ بالورود والزهور وأحيانا الزراعة أو حتى المصانع الصغيرة غير الملوثة للبيئة.
كل ما نأمله كمرحلة أولى، أن يتم تنظيف هذه الأسطح من القمامة والمخلفات.
بالطبع، هناك بعض المعوقات، التى ستواجه مثل هذه الخطوة، وأهمها سلبية بعض السكان وتلكؤهم فى دفع الرسوم المستحقة عليهم للتنظيف. هم يتحايلون ويتهربون ويتحججون بكل السبل الممكنة، لعدم الدفع.
وقبل أيام كنت أتحدث مع الدكتور مهران عبداللطيف رئيس حى السيدة زينب، فطمأننى بأن القانون يلزم السكان بصيانة بيوتهم إذا كانت تشكل خطرا عليهم أو على جيرانهم، وكذلك بدفع ما هو مستحق عليهم فى حالة وجود صيانة ضرورية للمبانى، وقال لى إن الحى بتشجيع من محافظ القاهرة اللواء خالد عبدالعال دشن حملة عنوانها: «من فضلك حافط معنا على نظافة الحى».
للموضوعية هناك تحرك ونشاط جيد للعديد من الأحياء، ومنها حى السيدة زينب كما رأيت بنفسى فى الأيام الأخيرة.
وأتمنى أن تزيد كل الجهات المحلية من جهودها فى الفترة المقبلة، لإلزام الناس بالنظافة، خصوصا أنها لم تعد عملية اختيارية أو ترفية.
النظافة كما رأينا فى الأيام الأخيرة هى المفتاح الرئيسى للوقاية من العديد من الأمراض والفيروسات، والتهاون فيها يمكن أن يكلفنا الكثير فى المستقبل.
طبعا يمكن أن يسأل البعض ساخرا: وهل هناك مواطنون يكرهون النظافة؟!
للأسف نعم، وبعضهم يحرص على النظافة داخل شقته، لكن لا يفرق معه أن يكون مدخل العمارة وسطحها ومناورها ومصاعدها غير نظيفة. هذه نظرة قاصرة، وتحتاج إلى ردع، حتى تتحول إلى ثقافة عامة لدى الجميع.
مرة أخرى شكرا لكورونا الذى نبه الكثيرين إلى أهمية وقيمة النظافة فى كل شىء!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي