** ريال مدريد وكارلو أنشيلوتى يحققان الهدف دائمًا.. فكيف يفعلون ذلك؟
** هذا واحد من التقارير المهنية البديعة فى صحيفة الجارديان البريطانية بعد تغلب ريال مدريد على مانشستر سيتى 4/3 بركلات الجزاء الترجيحية على ملعب الاتحاد. وبمنتهى الدقة بدأ سؤال التقرير بريال مدريد وليس أنشيلوتى، بعكس حالنا الذى يجعل الشخص هو البطل. الفرد هو البطل. ميسى، رونالدو، مارادونا، صلاح، بيليه، جوارديولا، أنشيلوتى. ولو كان الفرد هو البطل وليس ريال مدريد فإن أعظم مدربى الريال هو ميخيل مونوز (1960 – 1974) الفائز بـ14 بطولة ويليه زيدان 11 بطولة، ثم أنشيلوتى حتى الآن 10 بطولات. لكن لا خلاف على سحر المدرب الإيطالى، الهادئ الأعصاب فى اصعب اللحظات. وسوف يسأل الناس عن تلك القطعة من «اللبان» التى يمضغها طوال الوقت وتمنحه هذا الهدوء الهائل؟!
** هذا سؤال المشاهد، لكن لاعبًا مثل فالفيردى رجل مبا راة العودة بين الريال والسيتى، يقول عن أنشيلوتى: «إنه يمدنا بالحماس، والقدرة على النضال فى الملعب، يجعلنا نقاتل كى نحيا». بينما قال جوارديولا عن المباراة: «لقد فعلنا كل شىء لكنهم دافعوا بعمق بشكل لا يصدق».
** كيف يهاجم فريق طوال المباراة ويخسر؟ كيف يرسل لاعبًا مثل دى بروين وحده 21 كرة وتمريرة إلى صندوق الريال، ولا يسفر ذلك عن هدف واحد يحسم المباراة؟ الإجابة فى الدفاع الرائع الذى لايصدق. وهذا الشكل من الدفاع فى مباراة حاسمة هو وجه آخر من أوجه الجمال فى كرة القدم. ولا يقارن بهذا الدفاع الشهير بطريقة: «والله زمان يا سلاحى» بلا سبب، وفى كل مباراة يواجه بها فريقا أفضل، وينتج هذا الدفاع أهدافًا فى مرماه لأن الفريق لا يملك التنظيم، واللياقة، والقدرة الذهنية المطلوبة. وأقول ذلك لأننى أصلًا من كارهى الدفاع بتلك الطريقة التى تسمى: «تنظيف منطقة ورجولة»!
** السؤال الذى بدأت به المقال نقلًا تقرير الجارديان، بدأ بريال مدريد وليس أنشيلوتى، لأن الريال فريق عظيم قبل المدرب الإيطالى، وفى تاريخه بطولات وانتصارات وأجيال ممتعة، منها جيل دى ستيفانو وبوشكاش وديل سول وخنتو وسانتاماريا الذى حضر للقاهرة للعب مع الزمالك وشاهدته أيامها وشاهدت كرة القدم الحلم أيامها. الكرة الجماعية التى تسيطر عليها وتحكمها المهارات الفردية. وفى تاريخ كرة القدم فرق عظيمة سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات، وتلك الفرق صنعت شعبيتها الهائلة بالبطولات والأداء الجميل والفريد، بجانب أسباب سياسية وأيدلوجية أو طبقية أو دينية أو اجتماعية. وفى النهاية هذا هو التاريخ الذى يصنع النجوم ويصنع المدربين. دون إغفال مهارات وقدرات المدرب الذى قد ينجح مع فرق أخرى بفضل خبراته مثل أنشيلوتى، الذى حقق 25 بطولة أو أكثر وفى الطريق بطولات أخرى هذا الموسم غالبًا، وقد حقق هذه البطولات مع أندية إيطالية وألمانية وإنجليزية وفرنسية ومع ريال مدريد.
** إن اختيار الأسلوب من أسرار عبقرية جوارديولا وكذلك أنشيلوتى. والفارق هنا أن المدرب الإسبانى له إسلوب فريد يطبقه مهما كان الخصم ومهما كانت المباراة وأينما كانت. فهو صاحب «الحرية المقيدة» للاعبيه بينما أنشيلوتى يختار الأسلوب الذى يضمن له الفوز. وهو نفسه قال ذلك بعد تجاوز السيتى: «بعد التعادل فى ملعبنا كانت الطريقة الوحيدة للتأهل فى ملعب الاتحاد، هى اللعب على ركلات الترجيح، وقد دافعنا ببراعة، والفوز فى ملعب سيتى لا يأتى إلا بهذه الطريقة».
** يبقى أن الصحف الإنجليزية ما زالت نظرتها لمانشستر سيتى أنه نادٍ غنى يملك المال، وهذا صحيح، لكنه نادٍ يملك مدرب هو الأفضل فى العالم، ومجموعة من أمهر اللاعبين فى العالم، وتجاوز حدود الجزيرة البريطانية بما يقدمه من كرة قدم فريدة ومميزة منحته شعبية عالمية، وجعلت مباراته مع ريال مدريد «كلاسيكو الأرض» بعد أن كان هذا «الكلاسيكوالكوكبى بين ريال مدريد وبرشلونة». وكان ذلك هو حال برشلونة أيام قيادة جوارديولا. والأمر نفسه يسير على ريال مدريد فهو أحد أغنى أندية العالم.. أليس كذلك؟
** ريال مدريد وكارلو أنشيلوتى يحققان الهدف دائمًا فكيف يفعلون ذلك.. كان ذلك سؤال الجارديان. والسؤال بدأ بالريال قبل أنشيلوتى دون إهدار حق المدرب الإيطالى صاحب البطولات التى لا تعد ولا تحصى.