ان تضمن تأييدا كاملا لنتائج بحثها القيم قبل أن تبدأ فى الحديث عنه، اختارت ان تتحدث مرة أخرى فى مؤتمر أبحاث الألزهايمر المنعقد هذا الأسبوع فى بوسطن.ملأت شاشة العرض صورة السيدة جين سبرفجر التى اتمت عامها التسعين منذ شهر مضى وهى توجه حديثها لجمع الأطباء المنعقد «أعمل فى الاستقبال فى شركة خاصة.
أشعر تجاه مالكيها بعرفان وتقدير اذ قبلوا أن يمنحونى تلك الوظيفة وأنا فى تلك السن. أعمل يوميا من التاسعة حتى الرابعة وأعلم ان الله قد منحنى العقل الذى أعتبره هوية غالية أشكره عليها فى صباح كل يوم. إنها متعة حقيقية أن تعمل وتختلط بالناس فى كل يوم».
قوبل البحث الذى تقدمت به الباحثة الفرنسية باهتمام يستحقه، فالواقع انه يعد علامة فارقة فى منحنى تطور المعلومات عن أمراض تراجع الذاكرة ومن أهمها الألزهايمر. البحث أجرى على ما يقرب من نصف مليون رجل وامرأة تخطوا سن الستين فى فرنسا.
تعد فرنسا من أكثر الدول تقدما فى أبحاث تراجع الذاكرة والألزهايمر. يرجع الفضل فى ذلك لنظام التأمين الصحى فيها والذى يعد أفضل نظم التأمين الصحى فى العالم ويحتفظ فيها كل فرنسى بسجل طبى كامل له طوال حياته. أيضا رجع الفضل للرئيس السابق للدولة نيكولا ساركوزى الذى جعل من الاهتمام بالألزهايمر موضوعا على رأس قائمة اهتمامات الدولة الصحية.
دراسة السجلات الطبية لأربعمائة ألف وتسعة وعشرين فرنسيا جاوزا الستين فاختاروا التقاعد أو واصلوا العمل كانت موضوع البحث الموسع الذى أجرته الباحثة كارول تحت رعاية معهد أبحاث الدولة للشئون الصحية. كان من أهم الملاحظات أن كل من واصل العمل بعد سن الستين ولم يتقاعد زادت فرصته بنسبة 3.2٪ فى تفادى المرض بالألزهايمر.
جاءت نصيحة الباحثة: يجب ان يعمل الإنسان طالما أنه راغب فى العمل فليس هناك عمر معين يجب أن يكف الإنسان فيه عن العمل. لك عقلك استعمله أو تخل عنه إذا أردت. احتفظ بعقلك يقظا، تواصل اجتماعيا مع من حولك. اسع لتعلم لغات جديدة أو ابحث عن موضوعات شيقة تمنيت أن تدرسها يوما ولم تسمح لك الظروف. اهتم بعقلك إذا أردت الاحتفاظ به.
حينما سألها أحد الحاضرين: «ألم يخطر ببالك ان تراجع إدراك الإنسان المعرفى قد يقوده لاتخاذ قرار التقاعد مبكرا» كان جوابها حاضرا: بلى لذا استبعدنا كل من تم تشخيصه بأمراض تراجع الذاكرة خلال الخمس والعشر سنوات التى تلت قراره بالتقاعد.
تمنيت لو سألتها عن جارسيا ماركيز أهم أحد كتاب العالم فى العصر الحديث وأكثرهم غزارة فى الإنتاج الذى غيبه الألزهايمر فسكن عقله الفريد النابه كعنكبوت أسود ينسج خيوط كآبته فى دأب!
لكننى سرعان ما تراجعت حينما خطرت برأسى صورة لمدينة ميدلن فى كولومبيا تلك المدينة المستحيلة التى يصيب الألزهايمر سكانها قبل أن يبلغوا الأربعين! علينا دائما أن نحاول حتى بعد اكتشاف الجينوم البشرى كاملا ــ ولهذا حديث آخر.