الإسرائيليون يبيتون في المطار .. واقعة كاشفة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 13 سبتمبر 2024 12:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسرائيليون يبيتون في المطار .. واقعة كاشفة

نشر فى : الثلاثاء 20 أغسطس 2024 - 6:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 20 أغسطس 2024 - 6:50 م

وسائل إعلام إسرائيلية قالت، صباح الجمعة الماضى، إن الوفد الإسرائيلى الذى شارك فى مفاوضات الدوحة للتوصل إلى هدنة توقف إطلاق النار فى غزة، قد ناقش فكرة البقاء والمبيت على متن الطائرة التى أقلته إلى الدوحة خوفًا من تعرضه لتهديدات أمنية.

هذا الخبر قد لا يبدو مهمًا فى نظر كثيرين، وقد يسأل البعض: ما الفارق أن يقيم الوفد ويبيت فى الطائرة أو فى أحد الفنادق؟ والإجابة أن هذا الخبر شديد الدلالة والأهمية، لأنه يكشف بوضوح عن أن الإسرائيليين أدركوا أخيرًا وتمامًا أنهم مكروهون ومرفوضون فى كل مدن وعواصم المنطقة بأكملها سواء تلك التى أقامت علاقات معهم أو التى ترفض، وأن ذلك سوف يستمر ما دام سياساتهم العدوانية ضد الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين مستمرة.

دلالة وأهمية هذه الواقعة التى حدثت فى مطار الدوحة أنها تكشف بوضوح عن إدراك الإسرائيليين لحقيقة مشاعر أهل المنطقة تجاه كيانهم.

قد تكون إسرائيل نجحت فى قتل وإصابة آلاف الأطفال والشيوخ والنساء فى غزة، وتدمير غالبية مساكن القطاع، وتحويل معظم سكانه إلى نازحين، لكنها لم تدرك فى البداية أنها خسرت غالبية العرب والمسلمين بل سكان العالم بفعل عدوانها، وهذا السبب وحده كفيل بأن يجعلها منبوذة ومكروهة طوال الوقت، ما لم تستجب لأصوات العقل والمنطق والحق والقانون والشرعية، وتعطى الفلسطينيين دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

نعود مرة أخرى إلى واقعة مطار الدوحة، ونذكر القراء بأنه بمجرد بدء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فى ٧ أكتوبر الماضى، سحبت إسرائيل دبلوماسييها وبعض رعاياها من العواصم العربية والإسلامية التى تقيم معها علاقات بل لم يعد سائحوها يذهبون إلى هذه البلدان، وإذا ذهبوا فتحت جنسيات وربما أسماء أخرى.

هى فعلت ذلك فى العواصم التى تصالحت وأقامت علاقات معها دافئة كانت «أو باردة» أو مع العواصم التى ما تزال تمانع وتعاند وترفض التصالح معها.

حينما يفكر المفاوضون الإسرائيليون، وهم رؤساء أهم الأجهزة الأمنية خصوصًا الموساد والشاباك، فى المبيت داخل الطائرة، وليس فى أى فندق، فالمؤكد أن لديهم معلومات وتقارير كثيرة عن حجم الغضب ضد إسرائيل وكل ما يمثلها سواء فى قطر أو أى عاصمة عربية أو إسلامية، بل أظن أن مثل هذه الإجراءات الأمنية صارت لصيقة بتحركات كل المسئولين الإسرائيليين فى أى مكان بالعالم، وقد شاهدت بنفسى كيف أن المتظاهرين والأعلام الفلسطينية تحاصر السفارة الإسرائيلية فى واشنطن، وهى بالمناسبة بجوار السفارة المصرية هناك.

نعم دمرت إسرائيل غزة، لكنها خسرت كل العرب والمسلمين وقطاعا كبيرا من معظم سكان العالم، بعد أن كان كثيرون فى المنطقة يصدقون فعلًا أنها يمكن أن تندمج وتعيش بصورة طبيعية فى المنطقة.

لكن عدوانها غير المسبوق على غزة وتهويدها المستمر للضفة الغربية كشف عن أنها كيان عنصرى دموى وحشى لا يمكن أن يستمر فى هذه المنطقة إلا إذا تمكن من إبادة كل سكان فلسطين فى الداخل والخارج، وهو أمر مستحيل بصورة قاطعة.

وأظن أن كثيرين من العرب صدقوا فعلًا إن إسرائيل كيان طبيعى، متقدم وأنه فعلًا كما يزعم يؤمن بالحريات وحقوق الإنسان، وأن العرب حينما يتصالحون معه، فسوف يستفيدون من تقدمه، لكن كل هؤلاء استيقظوا منذ صبيحة السابع من أكتوبر الماضى على الصورة الحقيقية لهذا الكيان العنصرى الاستيطانى الاستحلالى، وأنه لا ينظر للعربى الجيد إلا حينما يموت، وإذا كان المتطرفون فى إسرائيل - وقد صاروا غالبية بشهادة الانتخابات الإسرائيلية طوال العقود الماضية - يشنون هجمات ضارية ضد بقية الإسرائيليين المختلفين معهم، ويعتبرونهم «كارهى أنفسهم»، وإذا كانوا يهاجمون الرئيس الأمريكى جو بايدن لمجرد أنه دعا إلى وقف إطلاق النار بعد أن أمدهم بكل ما يحتاجونه من سلاح وأموال ودعم دبلوماسى، وإذا كانوا يهاجمون الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، ويتهمونه بمعاداة السامية، لأنه نطق بالحق، إذا كان كل ذلك قد حدث، فهل نتوقع أن يكونوا أكثر رفقًا بالفلسطينيين؟!

واقعة مطار الدوحة تؤكد أن الإسرائيليين صاروا يدركون تمامًا أنهم مكروهون فى كل المنطقة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي