قضية المضادات الحيوية: السيناريو الكابوس - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 1:17 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قضية المضادات الحيوية: السيناريو الكابوس

نشر فى : الجمعة 20 أكتوبر 2017 - 9:25 م | آخر تحديث : الجمعة 20 أكتوبر 2017 - 9:25 م

ماذا لو فجأة انحسرت تماما مقاومة الإنسان لغزو الميكروبات فكانت أقلها ضراوة قادرة على خوض معركة من طرف واحد تنهى حياة الإنسان وتؤدى لوفاته؟ هذا السيناريو الكابوس هو محور اهتمام مؤتمر علمى تنتهى أعماله اليوم فى برلين. المؤتمر لم يقتصر على علماء الميكروبيولوجى فحسب بل انضم إليهم عدد كبير من كل التخصصات الطبية والعلمية إلى جانب شخصيات اقتصادية وسياسية وخبراء فى علم الاجتماع.
مقاومة الميكروبات لأثر المضادات الحيوية كان الموضوع الرئيسى للمؤتمر، فالأمر فيما يبدو لم يعد مجرد ظاهرة تنحصر فى حيز محدود إنما هو خطر واضح أصبح يهدد الجنس البشرى كله بأن تعود إلى تلك الأيام التى سبقت اكتشاف ألكسندر فلمنج للبنسلين.
ظاهرة مقاومة البكتيريا المرضية لأثر المضادات الحيوية التى تتراجع أمام جسارة الميكروبات وقدراتها الذاتية الجديدة المكتسبة.
عزيزى القارئ: حتى تتصور أهمية الحدث لك أن تعلم على سبيل المثال أن العمليات الحديثة التى تتم لزرع الكلى أو الكبد أو عمليات القلب المفتوح قد تتوقف تماما. ففى عمليات زرع الأعضاء يتناول المريض أدوية مثبطة للمناعة حتى لا يطرد الجسم العضو الجديد المزروع. تصور أن وجود أى ميكروب مهما بلغت درجة ضعفه قادر على أن يغزو جسم الإنسان المستباح فى تلك الظروف فى غيبة أثر المضادات الحيوية.
ليست فقط العمليات الكبرى إنما الصغرى أيضا فعملية الزائدة الدودية على سبيل المثال كفيلة بالقضاء على ألم الالتهاب لكنها لن تمنع وفاة الإنسان متى هاجمه أى ميكروب فى غياب المضادات الحيوية.
الواقع أن أهم سبب لنشأة تلك السلالات من الميكروبات المقاومة لأثر المضادات الحيوية يرجع فى المقام الأول لسوء استخدام الإنسان لها. الإسراف فى وصف المضادات الحيوية فى مواقف كثيرة لا تستدعى أن يصفها الطبيب. لجوء الإنسان لتناولها دون استشارة طبيب وسوء استخدامها كاستخدامها فى حالات نزلات البرد والأمراض الفيروسية التى لا يجدى معها المضادات الحيوية المعروفة.
استخدام المضادات الحيوية فى مزارع الدواجن والأسماك ومع الأعلاف بل يستخدمونها فى آسيا فى المجارى المائية، أيضا استخدام المضادات الحيوية غير الملائمة لحالة المريض ودونما استخدام مزرعة لتحديد نوع الميكروبات واختيار المضاد الحيوى الذى يمكنه القضاء عليها، كلها صور لسوء استخدام المضادات الحيوية الأمر الذى تستعد له الميكروبات المختلفة بتغيير صفاتها الوراثية الأمر الذى يمكنها من مقاومة أثر المضاد الحيوى بضراوة وإبطال مفعوله.
العالم ينتظر توصيات المؤتمر الذى يتوقع الكثيرون أن يبدأ منه حقبة علمية تظهر فيها وسائل أخرى غير المضادات الحيوية وربما كان لها فعل أقوى أثرا من المضادات الحيوية.
العلم يتطور بصورة مذهلة من يدرى ربما بالفعل ستبدأ مرحلة جديدة تكون اليد العليا فيها للعلم الأكثر تطورا. الأمر الذى به ينتهى هذا السيناريو الكابوس.

التعليقات