الحاجة إلى محادثات أمريكية - إيرانية - روجر كوين - بوابة الشروق
الإثنين 30 سبتمبر 2024 2:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحاجة إلى محادثات أمريكية - إيرانية

نشر فى : الثلاثاء 20 نوفمبر 2012 - 8:20 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 20 نوفمبر 2012 - 8:20 ص

استخدم ميت رومنى كلمة «سلام» أو «سلمى» أكثر من عشر مرات أثناء مناظرته الرئاسية، كما لو كان يتخاطب مع شبحى جون لينون والمهاتما غاندى. لكن الشعب الأمريكى لم ينخدع بذلك. وبإعادة انتخاب أوباما، فقد صوَّت الشعب لصالح السلام وضد نشوب حرب ثالثة فى بلد إسلامى خلال ما يزيد قليلا على العقد.

 

لقد سأم الأمريكيون الحروب التى تكلف مليارات الدولارات. وقد أظهر استطلاع جديد أجراه مجلس شيكاغو للشئون العالمية أن 67% من الأمريكيين يعتقدون أن حرب العراق لم تجد نفعا، وأن 69% يرون أن الولايات المتحدة لم تصبح أكثر أمنا نتيجة لحرب أفغانستان، و71% قالوا إن تجربة العراق يجب أن تجعل البلاد أكثر حذرا عند استخدام القوة.

 

كان الخطر حقيقيا لدرجة أن رومنى المحاط بالصقور مثل السفير الأمريكى السابق لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، والمدين بالامتنان لملياردير الكازينوهات شلدون أدلسون، والمدفوع من صديقه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو كان يمكن أن يدخل بالولايات المتحدة فى حرب ضد إيران. ومن المؤكد أن أى فرصة لحل دبلوماسى للأزمة الناجمة عن برنامج إيران النووى كانت ستتراجع فى المستقبل المنظور.

 

ومازال احتمال نشوب صراع مسلح مع إيران فى 2013 قائما. ويكفى دليلا على هذا إطلاق إيران النار على طائرة أمريكية بدون طيار فى وقت سابق من هذا الشهر. وإسرائيل نفد صبرها أمام التقدم المطرد لبرنامج التخصيب الإيرانى. وبينما يعارض أوباما الحرب وتحريض نتنياهو الأخرق، صرح بأنه يعتزم عدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووى. وهو أكبر التحديات الاستراتيجية العاجلة للرئيس المعاد انتخابه.

 

والتساؤل عما إذا كان من الضرورى أن يكون للتوصل إلى سلام إسرائيلى فلسطينى أو تحقيق تقدم فى المباحثات مع إيران الأولوية دبلوماسيا فى فترة أوباما الثانية لا يحتاج تفكيرا كبيرا. إن الأولوية لإيران، أيها الأغبياء. (ليست هناك خيارات جيدة فى سوريا كما هو الحال فى معظم قضايا الشرق الأوسط وعدم تواصل أمريكا مع إيران فى هذه الحالة لا يفيد. ونحن عادة ما ننسى دور إيران الإيجابى فى مؤتمر بون 2001 حول أفغانستان).

 

إن الحرب فى إيران ستعود بالدمار، فى ظل شرق أوسط يشهد التغيير، على المصالح الأمريكية من أفغانستان إلى مصر، وعلى الاقتصاد العالمى. والوقت المتاح لتفادى نشوب الصراع ضيق. وبالمقابل، صحيح إن المواجهة الإسرائيلية الفلسطينية مستنزفة لكن من غير المحتمل أن تشعل حريقا اليوم؛ ولا هى تقدم أى عناصر مشجعة جديدة؛ ومن غير المتوقع أن يكف نتنياهو، فى حال أعيد انتخابه، عن استخدام إيران كوسيلة للإلهاء عن المعركة الخطيرة مع الفلسطينيين، المنقسمين بطرق معوقة، ويتجنبون، ومعهم الولايات المتحدة، التعرض لها.

 

لكن هل توجد سبل جديدة للتواصل مع إيران؟ هل لهذه السبل أى مساحة سياسية؟ خلال الفترة الأولى من حكم اوباما، سادت الرجولة الجمهورية على العديد من الجبهات. وكانت شيطنة إيران منبعا لا ينضب للإلهام البلاغى. ولم يتخلف الديمقراطيون كثيرا عن هذا.

 

إننا بحاجة ملحة إلى بعث الدبلوماسية. فقد أصبحت مهارة مفقودة فى عصر الخطب هذا. وخلال نقاش دار مؤخرا، أخبرنى وليام ليورز، سفير الولايات المتحدة السابق إلى فنزويلا ومدير مشروع إيران، وستيفن هينتز، رئيس صندوق إخوان روكفلر، أنهما يتفاديان عبارة «الحل الدبلوماسى» فى نقاشاتهما المتصلة بإيران فى كابيتول هيل. وهما يستخدمان بدلا من ذلك تعبير «الحل السياسى». فالدبلوماسية تبدو ضعيفة وغير مؤثرة.

 

لكن الدبلوماسية مع إيران، كما نعلم تمام العلم، مطلوبة. والدبلوماسية تشمل القبول بأنه لكى نحصل على ما نريد علينا أن نقدم شيئا بالمقابل. والسؤال الأساسى هو: «ما الذى أريد الحصول عليه من خصمى وما الذى يجب أن أعطيه بالمقابل؟».

 

الضغوط وحدها، فى صورة العقوبات، لن تؤدى إلى وقف برنامج إيران النووى. فعند حد ما، كما حدث فى اختراق نيكسون الجريء مع الصين، الذى تبناه برغم الاحتجاجات الغاضبة (والتى ستكون بنفس القوة إذا ما دخلت اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشئون العامة (Aipac ) فى محادثات مع إيران)، سيكون السؤال الذى يجب علينا طرحه هو: «ما الذى نريده، وما الذى يريدونه، وما الذى يريده كلانا؟». ويجب تطوير المصالح المشتركة.

 

إن هذا سيتطلب شجاعة غير عادية من جانب اوباما ومشاعر أفضل من جانب جمهورية إسلامية معتصرة اقتصاديا، أفضل مما يصدر عادة عن طهران. وها هو أوباما الآن فى فترته الثانية. وهو أكثر حرية ومدرسة السياسة الخارجية المفتولة العضلات أكثر ضعفا. وعليه أن يجد، من خلال المبعوثين الخاصين، قناة اتصال مباشر مع طهران. والخصومة المريرة بين الولايات المتحدة وإيران، والممتدة منذ عقود، لا تنفصل عن الأزمة النووية.

 

ما الذى نريده من إيران؟ أن تخضع كل منشآتها النووية للتفتيش، وتتخلص من مخزونها من اليورانيوم الذى تصل نسبة تخصيبه إلى 20%، وتكف عن تهديداتها لإسرائيل، وانتهاكها لحقوق الإنسان، وتغير سياستها تجاه حماس وحزب الله، وتنتهج سلوكا بناء فى قضية سوريا. ما الذى يمكن أن نقدمه؟ أن نرفع بعض العقوبات، ونوقف الأعمال الخفية، ونستبعد فكرة تغيير النظام، ونقر بحق التخصيب المحدود (حتى 5%)، وأن نناقش دور إيران الإقليمى.

 

والدبلوماسية الخلاقة يمكنها التعامل مع هذه المسائل والعمل على بناء الثقة من خلال التسويات المرحلية. لكن على أوباما أولا أن يتجاوز الأفكار التقليدية بشأن إيران، وأن يفكر بطريقة أشمل، ويتصرف بطريقة أكثر جرأة، وأن يتجاهل كارهى إيران بالفطرة ويكف عن الاعتقاد بأن الإجبار وحده هو الحل. 

روجر كوين كاتب صحفى بجريدة نيويورك تايمز
التعليقات