فرصة للجادين فقط! - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 1:54 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فرصة للجادين فقط!

نشر فى : السبت 20 ديسمبر 2014 - 9:00 ص | آخر تحديث : السبت 20 ديسمبر 2014 - 9:00 ص

أحد صباحات العمل فى مستشفى رويال فيكتوريا بمونتريال ــ كندا ــ بينما أهم بركوب المصعد تراجعت بسرعة لأفسح مكانا لمريض على كرسى متحرك يدفعه رجل أربعينى ظننته ابنه فلم يكن مرتديا زى التمريض. حينما دلفت خلفه وكان لى أن أتبين ملامحه تأكدت أنه دانييل جونسون رئيس وزراء حكومة كيبيك فبادأنى بالتحية. لم يكن هناك فى الأمر ما يدعو للدهشة فمن العادى أن يمر رئيس الوزراء فى عربته الحكومية بلا حراسة إلى جوارك دون أن تلحظ إلا علم كندا يرفرف على مقدمة السيارة. الحراسة والموكب فقط إذا ما كان هناك ضيف رئيس دولة.

ما استوقفنى هو تلك الشارة التى كانت على صدره: متطوع! فسألته فى فضول عنها. فى ذلك اليوم اكتشفت أن ذلك المستشفى التى أتم أعوامه المائة فى خدمة مواطنى مونتريال إنما يدار إلى جانب إدارته الحكومية بهيئة متكاملة من المتطوعين من مختلف الأعمار والمهن يأتون إليها تدفعهم رغبة حقيقية فى الخدمة العامة. وأن دانييل جونسون رئيس وزراء حكومة كيبيك أحد أولئك المتطوعين للخدمة العامة فهو يتولى توصيل المرضى من الأقسام الداخلية إلى المعامل التى يجرون فيها التحاليل والأشعات المختلفة ثم يعود بهم مرة أخرى لأماكنهم. يمارس هذا العمل ــ وفقا لتعليقه ــ راضيا سعيدا لا ينتقص من سعادته إلا أنه غير قادر على ممارسته إلا أربع ساعات كل أسبوعين نظرا لانشغاله بأعباء رئاسة الوزارة!

صرت أرصد كل من يحمل شارة متطوع فانتبهت إلى أنهم أكثر عددا مما تصورت أن أراهم فى كل مكان، جميع الأقسام على اختلافها بداية من استقبال المرضى والطوارئ وغرف العمليات فالمستشفى ضخم يضم جميع التخصصات. حتى المطبخ: هم هناك يراجعون مستوى النظافة وطرق الطهى وملاءمة كل طعام لطبيعة مرض المريض ويعدون قوائم تقدم يوميا للمرضى يختارون منها ما يشتهونه فى حدود المسموح ثم يتولون حمله فى عربات الطعام إلى كل الأقسام ثلاث مرات يوميا. قد تتندر عزيزى القارئ بما تظنه أحلام يقظة أعانى منها وهو أمر اعتدته من الكثيرين إلى أن يبدأ نقاش هادف حقيقى فهل أنت على استعداد؟

لا نمل الحديث عن الخدمة الصحية بالغة السوء التى اختص الله سبحانه بها المواطن المصرى: غياب التأمين الصحى، الإهمال فى المستشفيات، الفساد وغياب الرقابة مشاكل الدواء. أصبح هم الإعلام الأول ووظيفته القومية استعراض الفشل واصطياد الأخطاء وضرب قضية الصحة فى مقتل بزعم استخراج الجن وعلاج الشعب المصرى الممسوس!

قد يكون من المجدى استنفار الهمة بعرض الأخطاء لكننا تمادينا إلى أن أصبحنا ظاهرة فى تعذيب النفس وجلد الذات. هناك العديد من الأمثلة البديعة الباهرة التى يمارس فيها الكثير من المصريين الخدمة العامة فى أبهى صورة وأكثرها أثرا فى حياة الناس. لكنهم دائما خفيضو الصوت فابحثوا عنهم وانضموا إليهم.

ندرس الآن فكرة الإدارة الموازية للمستشفيات بجهود المجتمع المدنى وجنود الخدمة العامة من المتطوعين. الفرصة متاحة للجادين فقط.

التعليقات